(وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨) وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) (١٩)
____________________________________
(وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ) محله النصب على الظرفية من قوله (بِدَمٍ) أى جاءوا فوق قميصه بدم كما تقول جاء على* جماله بأحمال أو على الحالية منه والخلاف فى تقدم الحال على المجرور فيما إذا لم يكن الحال ظرفا (كَذِبٍ) مصدر وصف به الدم مبالغة أو مصدر بمعنى المفعول أى مكذوب فيه أو بمعنى ذى كذب أى ملابس لكذب وقرىء كذبا على أنه حال من الضمير أى جاءوا كاذبين أو مفعول له وقرأت عائشة رضى الله تعالى عنها بغير المعجمة أى كدر وقيل طرى قال ابن جنى أصله من الكذب وهو الفوف البياض الذى يخرج على أظفار الأحداث كأنه دم قد أثر فى قميصه. روى أنهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وزل عنهم أن يمزقوه فلما سمع يعقوب بخبر يوسف عليهماالسلام صاح بأعلى صوته وقال أين القميص فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا أكل ولم يمزق عليه قميصه وقيل كان فى قميص يوسف عليهالسلام ثلاث آيات كان دليلا ليعقوب على كذبهم* وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا أكل ولم يمزق عليه قميصه وقيل كان فى قميص يوسف عليهالسلام ثلاث آيات كان دليلا ليعقوب على كذبهم* والقاه على وجهه فارتد بصيرا ودليلا على براءة يوسف عليهالسلام حين قد من دبر (قالَ) استئناف* مبنى على سؤال فكأنه قيل ما قال يعقوب هل صدقهم فيما قالوا أم لا فقيل قال لم يكن ذلك (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ) أى زينت وسهلت قاله ابن عباس رضى الله عنهما والتسويل تقدير شىء فى النفس مع الطمع فى إتمامه قال الأزهرى كأن التسويل تفعيل من سؤال الإنسان وهو أمنيته التى يطلبها فتزين لطالبها* الباطل وغيره وأصله مهموز وقيل من السول وهو الاسترخاء (أَمْراً) من الأمور منكرا لا يوصف* ولا يعرف (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أى فأمرى صبر جميل أو فصبر جميل أجمل أو أمثل وفى الحديث الصبر الجميل الذى لا شكوى فيه أى إلى الخلق وإلا فقد قال يعقوب عليهالسلام إنما أشكوبثى وحزنى إلى الله وقيل سقط حاجباه على عينيه فكان يرفعهما بعصابة فقيل ما هذا قال طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله* عزوجل إليه يا يعقوب أتشكونى قال يا رب خطيئة فاغفرها لى وقرأ أبى فصبرا جميلا (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ) * أى المطلوب منه العون وهو إنشاء منه عليهالسلام للاستعانة المستمرة (عَلى ما تَصِفُونَ) على إظهار حال ما تصفون وبيان كونه كذبا وإظهار سلامته فإنه علم فى الكذب قال سبحانه سبحان (رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) وهو الأليق بما سيجىء من قوله تعالى (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً) وتفسير المستعان عليه باحتمال ما يصفون من هلاك يوسف والصبر على الرزء فيه يأباه تكذيبه عليهالسلام لهم فى ذلك ولا تساعده الصيغة فإنها قد غلبت فى وصف الشىء بما ليس فيه كما أشير إليه (وَجاءَتْ) شروع فى بيان