(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢١)
____________________________________
وبيان لما زهدوا فيه إن جعلت موصولة كأنه قيل فى أى شىء زهدوا فقيل زهدوا فيه لأن ما يتعلق بالصلة لا يتقدم على الموصول (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) وهو العزيز الذى كان على خزائنه واسمه قطفير أو اطفير وبيان كونه من مصر لتربية ما يتفرع عليه من الأمور مع الإشعار بكونه غير من اشتراه من الملتقطين بما ذكر من الثمن البخس وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد العمليقى ومات فى حياة يوسف عليهالسلام بعد أن آمن به فملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه إلى الإسلام فأبى وقيل كان الملك فى أيامه فرعون موسى عليهالسلام عاش أربعمائة سنة لقوله عزوجل (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ) وقيل فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف والآية من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء واختلف فى مقدار ما اشتراه به العزيز فقيل بعشرين دينارا وزوجى نعل وثوبين أبيضين وقيل أدخلوه فى السوق يعرضونه فترافعوا فى ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه مسكا ووزنه ورقا ووزنه حريرا فاشتراه قطفير بذلك المبلغ وكان سنه إذ ذاك سبع عشرة سنة وأقام فى منزله مع ما مر عليه من مدة لبثه فى السجن ثلاث عشرة سنة واستوزره الريان وهو ابن ثلاثين سنة وآتاه الله العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وتوفى* وهو ابن مائة وعشرين سنة (لِامْرَأَتِهِ) راعيل أو زليخا وقيل اسمها هو الأول والثانى لقبها واللام متعلقة* بقال لا باشتراه (أَكْرِمِي مَثْواهُ) اجعلى محل إقامته كريما مرضيا والمعنى أحسنى تعهده (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) * فى ضياعنا وأموالنا ونستظهر به فى مصالحنا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أى نتبناه وكان ذلك لما تفرس فيه من مخايل الرشد والنجابة ولذلك قيل أفرس الناس ثلاثة عزيز مصر وابنة شعيب التى قالت يا أبت استأجره* وأبو بكر حين استخلف عمر رضى الله عنهما (وَكَذلِكَ) نصب على المصدرية وذلك إشارة إلى ما يفهم من* كلام العزيز وما فيه من معنى البعد لتفخيمه أى مثل ذلك التمكين البديع (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) أى جعلنا له فيها مكانا يقال مكنه فيه أى اثبته فيه ومكن له فيه أى جعل له فيه مكانا ولتقاربهما وتلازمهما يستعمل كل منهما فى محل الآخر قال عزوجل (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) أى مالم نمكنكم فيها أو مكنالهم فى الأرض الخ والمعنى كما جعلنا له مثوى كريما فى منزل العزيز أو مكانا عليا فى قلبه حتى أمر امرأته دون سائر حواشيه بإكرام مثواه جعلنا له مكانة رفيعة فى أرض مصر ولعله عبارة عن جعله وجيها بين أهلها ومحببا فى قلوبهم كافة كما فى قلب العزيز لأنه الذى يؤدى إلى* الغاية المذكورة فى قوله تعالى (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أى نوفقه لتعبير بعض المنامات التى عمدتها رؤيا الملك وصاحبى السجن لقوله تعالى (ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي) سواء جعلناه معطوفا على غاية مقدرة ينساق إليها الكلام ويستدعيها النظام كأنه قيل ومثل ذلك التمكين مكنا ليوسف فى الأرض وجعلنا قلوب