قائمة الکتاب
(الجزء العاشر)
(الجزء الحادى عشر)
(الجزء الثانى عشر)
(الجزء الثالث عشر)
إعدادات
تفسير أبي السّعود [ ج ٤ ]
تفسير أبي السّعود [ ج ٤ ]
المؤلف :أبي السعود محمّد بن محمّد العمادي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :312
تحمیل
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢٢)
____________________________________
أهلها كافة محال محبته ليترتب عليه ما ترتب مما جرى بينه وبين امرأة العزيز ولنعلمه بعض تأويل الأحاديث وهو تأويل الرؤيا المذكورة فيؤدى ذلك إلى الرياسة العظمى ولعل ترك المعطوف عليه للإشعار بعدم كونه مرادا بالذات أو جعلناه علة لمعلل محذوف كأنه قيل ولهذه الحكمة البالغة فعلنا ذلك التمكين دون غيرها مما ليس له عاقبة حميدة هذا ولا يخفى عليك أن الذى عليه تدور هذه الأمور إنما هو التمكين فى جانب العزيز وأما التمكين فى جانب الناس كافة فتأديته إلى ذلك إنما هى باعتبار اشتماله على ذلك التمكين فإذن الحق أن يكون ذلك إشارة إلى مصدر قوله تعالى (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) على أن يكون هو عبارة عن التمكين فى قلب العزيز أو فى منزله وكون ذلك تمكينا فى الأرض بملابسة أنه عزيز فيها لا عن تمكين آخر يشبه به كما مر فى قوله تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) من أن ذلك إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده لا إلى جعل آخر يقصد تشبيه هذا الجعل به فالكاف مقحم الدلالة على فخامة شأن المشار إليه إقحاما لا يكاد يترك فى لغة العرب ولا فى غيرها ومن ذلك قولهم مثلك لا يبخل وهكذا ينبغى أن يحقق المقام وأما التمكين بمعنى جعله ملكا يتصرف فى أرض مصر بالأمر والنهى فهو من آثار ذلك التعليم ونتائجه المتفرعة عليه كما عرفته لا من مباديه المؤدية إليه فلا سبيل إلى جعله غاية له ولم يعهد منه عليهالسلام فى تضاعيف قضاياه العمل بموجب المنامات المنبهة على الحوادث قبل وقوعها عهدا مصححا لجعله غاية لولايته وما وقع من التدارك فى أمر السنين فإنما هو عمل بموجب الرؤيا السابقة المعهودة اللهم إلا أن يراد بتعليم تأويل الأحاديث ما سبق من تفهيم غوامض أسرار الكتب الإلهية ودقائق سنن الأنبياء عليهمالسلام فيكون المعنى حينئذ مكنا له فى أرض مصر ليتصرف فيها بالعدل ولنعلمه معانى كتب الله تعالى وأحكامها ودقائق سنن الأنبياء عليهمالسلام فيقضى بها فيما بين أهلها والتعليم الإجمالى لتلك المعانى والأحكام وإن كان غير متأخر عن تمكينه بذلك المعنى إلا أن تعليم كل معنى شخصى يتفق فى ضمن الحوادث والإرشاد إلى الحق فى كل نازلة من النوازل متأخر عن ذلك صالح لأن يكون غاية له (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) لا يستعصى* عليه أمر ولا بمانعه شىء بل إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فيدخل فى ذلك شئونه المتعلقة بيوسف دخولا أوليا أو متول على أمر يوسف لا يكله إلى غيره وقد أريد به من الفتنة ما أريد مرة غب مرة فلم يكن إلا ما أراد الله له من العاقبة الحميدة (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن الأمر* كذلك فيأتون ويذرون زعما منهم أن لهم من الأمر شيئا وأنى لهم ذلك وإن الأمر كله لله عزوجل أو لا يعلمون لطائف صنعه وخفايا فضله (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أى منتهى اشتداد جسمه وقوته وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين إلى الأربعين وقيل سن الشباب ومبدأ بلوغ الحلم والأول هو الأظهر لقوله تعالى (آتَيْناهُ حُكْماً) حكمة وهو العلم المؤيد بالعمل أو حكما بين الناس وفقها أو نبوة (وَعِلْماً) * أى تفقها فى الدين وتنكيرهما للتفخيم أى حكما وعلما لا يكتنه كنههما ولا يقادر قدرهما فهما ما آتاه الله تعالى عند تكامل قواه سواء كانا عبارة عن النبوة والحكم بين الناس أو غيرهما كيف لا وقد جعل إيتاؤهما