(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٨)
____________________________________
إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم قالوا ما كنا نعدل بالأحساب شيئا فقام النبى صلىاللهعليهوسلم فقال إن هؤلاء جاءونا مسلمين وإنا خيرناهم بين الذرارى والأموال فلم يعدلوا بالأحساب شيئا فمن كان بيده سبى وطابت نفسه أن يرده فشأنه ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه قالوا قد رضينا وسلمنا فقال صلىاللهعليهوسلم إنا لا ندرى لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا فرفعت إليه العرفاء أنهم قد رضوا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) وصفوا بالمصدر مبالغة كأنهم عين النجاسة أو هم ذو ونجس لخبث باطنهم أو لأن معهم الشرك الذى هو بمنزلة النجس أو لأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات فهى ملابسة لهم. عن ابن عباس رضى الله عنهما أن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وعن الحسن من صافح مشركا توضأ وأهل المذاهب على خلاف هذين القولين وقرىء نجس بكسر النون وسكون الجيم وهو تخفيف نجس ككبد فى كبد كأنه قيل إنما المشركون جنس نجس أو ضرب نجس وأكثر ما جاء تابعا لرجس (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) تفريع على نجاستهم وإنما نهى عن القرب* للمبالغة أو للمنع عن دخول الحرم وهو مذهب عطاء وقيل المراد به النهى عن الدخول مطلقا وقيل المراد المنع عن الحج والعمرة وهو مذهب أبى حنيفة رحمهالله تعالى ويؤيده قوله عزوجل (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) * فإن تقييد النهى بذلك يدل على اختصاص المنهى عنه بوقت من أوقات العام أى لا يحجوا ولا يعتمروا يعد حج عامهم هذا وهو عام تسعة من الهجرة حين أمر أبو بكر رضى الله عنه على الموسم ويدل عليه قول على رضى الله عنه حين نادى ببراءة ألا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك ولا يمنعون من دخول الحرم والمسجد الحرام وسائر المساجد عنده وعند الشافعى يمنعون من المسجد الحرام خاصة وعند مالك يمنعون من جميع المساجد ونهى المشركين أن يقربوه راجع إلى نهى المسلمين عن تمكينهم من ذلك وقيل المراد أن يمنعوا من تولى المسجد الحرام والقيام بمصالحه ويعزلوا عن ذلك (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) أى فقرا بسبب منعهم من* الحج وانقطاع ما كانوا يجلبونه إليكم من الإرفاق والمكاسب وقرىء عائلة على أنها مصدر كالعافية أو حالا عائلة (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من عطائه أو من تفضله بوجه آخر فأرسل الله تعالى السماء* عليهم مدرارا أغزر بها خيرهم وأكثر ميرهم وأسلم أهل تبالة وجرش فحملوا إلى مكة الطعام وما يعاش به فكان ذلك أعود عليهم مما خافوا العيلة لفواته ثم فتح عليهم البلاد والغنائم وتوجه إليهم الناس من أقطار الأرض (إِنْ شاءَ) أن يغنيكم مشيئته تابعة للحكمة الداعية إليها وإنما قيد ذلك بها لتنقطع* الآمال إلى الله تعالى ولأن الإغناء ليس مطردا بحسب الأفراد والأحوال والأوقات (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) * بمصالحكم (حَكِيمٌ) فيما يعطى ويمنع.*