(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠) وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٧١)
____________________________________
ينفعهم لكفى به خسرانا وإيراد اسم الإشارة فى الموضعين للإشعار بعلية الأوصاف المشار إليها للحبوط والخسران (أَلَمْ يَأْتِهِمْ) أى المنافقين (نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أى خبرهم الذى له شأن وهو ما فعلوا وما فعل* بهم والاستفهام للتقرير والتحذير (قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) وهم قوم شعيب* (وَالْمُؤْتَفِكاتِ) قريات قوم لوط ائتفكت بهم أى انقلبت بهم فصار عاليها سافلها وأمطروا حجارة من* سجيل وقيل قريات المكذبين وائتفاكهن انقلاب أحوالهن من الخير إلى الشر (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) * استئناف لبيان نبئهم (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) الفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام أى فكذبوهم فأهلكهم الله تعالى فما ظلمهم بذلك وإيثار ما عليه النظم الكريم للمبالغة فى تنزيه ساحة السبحان عن الظلم أى ما صح وما استقام له أن يظلمهم ولكنهم ظلموا أنفسهم والجمع بين صيغتى الماضى* والمستقيل فى قوله عزوجل (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) للدلالة على استمرار ظلمهم حيث لم يزالوا يعرضونها للعقاب بالكفر والتكذيب وتقديم المفعول لمجرد الاهتمام به مع مراعاة الفاصلة من غير قصد إلى قصر المظلومية عليهم على رأى من لا يرى التقديم موجبا للقصر فيكون كما فى قوله تعالى (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) من غير قصر للظلم على الفاعل أو المفعول وسيجىء لهذا مزيد بيان فى قوله سبحانه (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالا ومآلا إثر بيان قبح حال أضدادهم عاجلا وآجلا والتعبير عن نسبة هؤلاء بعضهم إلى بعض بالولاية وعن نسبة أولئك بمن الاتصالية للإيذان بأن نسبة هؤلاء بطريق القرابة الدينية المبنية على المعاقدة المستتبعة للآثار من المعونة والنصرة وغير ذلك ونسبة* أولئك بمقتضى الطبيعة والعادة (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) أى جنس المعروف والمنكر* المنتظمين لكل خير وشر (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) فلا يزالون يذكرون الله سبحانه فهو فى مقابلة ما سبق من قوله* تعالى نسوا الله (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) بمقابلة قوله تعالى (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أى فى كل أمر* ونهى وهو بمقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة (أُولئِكَ) إشارة إلى المؤمنين والمؤمنات باعتبار اتصافهم بما بما سلف من الصفات الفاضلة وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد درجتهم فى الفضل أى* أولئك المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة (سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) أى يفيض عليهم آثار رحمته من التأييد والنصرة