الشبهة الثانية ـ السمع والبصر لا يحصلان الا مع تأثير الحاسة. وذلك من صفات الأجسام. وهو على الله تعالى محال.
والجواب عن الشبهة الأولى : ان السمع والبصر صفتان مستعدتان لادراك المسموعات والمبصرات عند وجودها. فالتغير يقع فى المسموع والمبصر لا فى السمع والبصر.
ولقائل أن يقول : أليس أن كون السمع والبصر مدركين للمسموع والمبصر ، موقوف على حضور المبصر والمسموع؟ وهذا الادراك الّذي هو موقوف على حضور المسموع والمبصر ، مغاير لتلك الصفة التى هى غير موقوفة على حضور المسموع والمبصر ، فيلزمكم أن يكون كون الله تعالى مدركا للمسموعات والمبصرات ، صفة متجددة.
والجواب عن الشبهة الثانية : انكم ما ذكرتم دليلا على أن الابصار والسماع مشروطان بحصول تأثير الحاسة ، بل نجد فى الشاهد أن الابصار والسماع لا يحصلان الا عند هذا التأثير ، ولكن مجرد الاقتران لا يدل على الاشتراط. بدليل : أن الحياة والقدرة لا تحصلان الا عند المزاج ، ثم انا نثبتهما فى حق الله تعالى مع القطع بكونه تعالى منزها عن الجسمية والمزاج ، فعلمنا : أن مجرد المقارنة لا تدل على الاشتراط.