المسألة الخامسة
فى
أن حقيقة الله تعالى مخالفت
لسائر الحقائق لعين ذاته المخصوصة
اعلم : أن جماعة عظيمة من مشايخ علم الأصول. زعموا : أن الذوات من حيث انها ذوات متساوية. وانما يمتاز بعض الذوات عن البعض ، لاختصاصها بصفات مخصوصة. ثم قالوا بناء على هذا الأصل : ان ذاته تعالى من حيث انها ذات ، مساوية السائر الذوات. وانما تمتاز ذاته عن سائر الذوات لاختصاص ذاته بصفات مخصوصة ، لأجلها تصح الالهية. وتلك الصفات هى : وجوب الوجود ، والقدرة التامة ، والعلم التام.
وزعم «أبو هاشم» : أنها صفة تقتضى لذاتها صفات أربعة : هى : الموجودية ، والعالمية ، والقادرية ، والحيية.
والّذي نختاره ونقول به : ان ذاته سبحانه وتعالى ـ مخالفة لسائر الذوات لنفس كونها تلك الذات المخصوصة.
واعلم : أن الخصم ربما قال فى هذا الموضع : ان كلامكم فى هذا الموضع متناقض لأنكم تقولون : انه تعالى يخالف خلقه لذاته المخصوصة فقولكم «المخصوصة» يدل على المفهوم الزائد على الذات. فكان هذا اعترافا بأن المخالفة انما وقعت بأمر زائد على الذات. فثبت : أن قولكم بأنه تعالى يخالف سائر الذوات لذاته المخصوصة ، لا لأمر زائد على الذات : كلام متناقض.