المحسوس إليهما. ولما كانت القوة السامعة تميز بين جهة وجهة ، علمنا أنها تدرك الأصوات حيث وجدت الأصوات.
فهذا هو الكلام الملخص (٤) فى حقيقة السمع والبصر.
الفصل الثانى
فى
بيان أنه تعالى موصوف بالسمع والبصر
والدليل عليه : هو أن السمع والبصر من صفات الكمال ، وضدهما من صفات النقصان. والقرآن وارد باثباتهما لله تعالى. قال الله تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٥) وقال ابراهيم لأبيه : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ)؟ (٦) وقال الله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٧) واذا كانت النصوص الكثيرة واردة بذلك ، وجب اثباتهما لله تعالى. الا أن يقيم الخصم دلالة على أن ثبوت هاتين الحالتين مشروط بشرط ممتنع التحقق فى حق الله تعالى ، فيجب المصير الى التأويل. وتكون الدلالة اشارة الى المعارضة ، ومن ادعاها كان عليه البيان. هذا هو الّذي يعول عليه فى هذا الباب
واحتج جمهور الأصحاب : بأنه تعالى حي ، وكل حي فانه يصح أن يكون موصوفا بالسمع والبصر ، وكل من صح أن يكون موصوفا بصفة ، وجب أن يكون موصوفا بتلك الصفة أو بضدها. وضد السمع والبصر هو الصمم والعمى. فثبت : أنه لا بد وأن يكون البارى تعالى موصوفا بالسمع والبصر ، أو بالصمم والعمى. وهذان الوصفان من
__________________
(٤) المختصر : ب
(٥) طه ٤٦
(٦) مريم ٤٢
(٧) الأنعام ١٠٣