بل نقول : الاستواء فى الصفات الثبوتية ، لا يوجب الاستواء فى الماهية. لأن المختلفين لا بدّ وأن يتشاركا فى كون كل واحد منهما مخالفا للآخر. والضدان لا بد وأن يتشاركا فى كون كل واحد منهما ضدا للآخر.
واذا عرفت ما قلناه ، ظهر أنه لا يلزم من اثبات حدوث الأجسام والاعراض ، حدوث كل ما سوى الله تعالى. وقد كان الأولون والآخرون من المتكلمين ، يكتفون فى هذا المطلوب بهذا القدر. وبالله التوفيق.
المقدمة الثانية فى حقيقة المحدث
وفيه بحثان غامضان :
البحث الأول : اعلم أن العبارات ، وان كثرت فى تفسير المحدث ، الا أن حاصلها يرجع الى نوعين من التعريف.
أحدهما : أن المحدث هو الّذي يكون مسبوقا بالعدم.
والثانى : أن المحدث هو الّذي يكون مسبوقا بالغير.
وللفلاسفة على كل واحدة من هاتين العبارتين اشكال (٧). أما العبارة الأولى فقالوا : التقدم والسبق والقبلية الى غيرها من العبارات ، له خمسة أقسام :
أولها : تقدم العلة على المعلول. كتقدم المضىء على الضوء. وهذا التقدم ليس بالزمان. لأن جرم الشمس لم ينفك قط عن النور. فههنا التقدم بالزمان ، منفى. مع أن العقل يقضى بأن النور من الشمس ، وأن الشمس ليست من النور. وأيضا : العقل يقضى بأن حركة الخاتم متفرعة على حركة الاصبع وليست حركة الاصبع متفرعة على حركة
__________________
(٧) اشكالات : ب