المسألة الثانية عشرة
فى
إثبات أنه تعالى عالم
وهذه المسألة مرتبة على فصلين :
الفصل الأول
فى
اقامة الدلالة على أنه سبحانه وتعالى عالم
وبرهانه : ان أفعال الله تعالى محكمة متقنة. وكل من كان فعله متقنا محكما ، كان عالما بتلك الأفعال. فثبت : أنه تعالى عالم : أما أن أفعاله محكمة متقنة ، فيدل عليه تشريح بدن الانسان. وقد لخصنا هذا العلم فى «الطب الكبير» الّذي صنفناه ، وبلغنا فيه غاية لم يبلغ فيها أكثر من تقدمنا. وأما أن كل من كان فعله محكما متقنا ، وجب أن يكون عالما بتلك الأفعال. فهذه مقدمة بديهية بعد الاستقراء والاختبار.
فان قيل : لم لا يجوز أن يقال : المبدأ الأول الواجب الوجود لذاته ، يوجب بالذات موجودا. وذلك الموجود هو الخالق لهذا العالم. وهو عالم بما فيه من المصالح. الا أن الواجب الوجود الّذي هو المبدأ الأول لا يكون عالما.
سلمنا : أن فاعل هذه الأفعال الحادثة فى هذا العالم. هو الله تعالى. لكن ما المراد من كونها محكمة متقنة؟ ان عنيتم بها كونها مطابقة للمصلحة. فنقول : تدعون كنها مطابقة للمصلحة من بعض الوجوه أو تدعون كونها مطابقة للمصلحة من كل الوجوه؟ فان