المسألة الرابعة عشرة
فى
كونه تعالى حيا
مذهب «أبى الحسين البصرى» أن الحى هو الّذي لا يمتنع أن يعلم ويقدر.
وقال أصحابنا : الحياة صفة قائمة بالذات ، لأجلها لا يمتنع على الذات أن تعلم وتقدر.
وحجة أصحابنا على قولهم : ان الذوات على قسمين : منها ما يصح عليه أن يعلم ويقدر ، ومنها ما لا يصح ذلك عليه. وهى الجمادات. والقسمان متساويان فى الذاتية. ولو لا امتياز ما يصح عليه أن يعلم ويقدر عما لا يصح عليه ذلك ، والا لما حصل هذا التفاوت.
قال «أبو الحسين البصرى» : انا قد دللنا على أن ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات ، لنفس ذاته المخصوصة ، فلم لا يجوز أن تكون صفة العالمية والقادرية فى حق الله تعالى معللة بذاته المخصوصة؟ وهذا سؤال حسن.
والمعتمد لنا أن نقول : قولك الحى هو الّذي لا يمتنع عليه أن يعلم ويقدر : هذا اشارة الى نفى الامتناع والامتناع سلب. ونفى الامتناع (٢) سلب السلب ، فيكون أمرا ثبوتيا. ثم هذا الأمر الثبوتى ليس هو نفس الذات. لأنا اذا علمنا انتهاء الممكنات الى واجب الوجود لذاته ، فقد علمنا ذاته. وبعد ما علمنا هذا الأمر ـ أعنى قولنا لا يمتنع أن يعلم ويقدر ـ والمعلوم مغاير لغير المعلوم ، يثبت : أن كونه تعالى حيا : صفة حقيقية قائمة بذاته. وهو المطلوب.
__________________
(٢) الاحتجاج : ا