المسألة الحادية والعشرون
فى
بيان أن صانع العالم سبحانه وتعالى واحد
ويدل عليه وجوه :
الحجة الأولى : لو كان فى الوجود شيئان ، كل واحد منهما واجب الوجود لذاته ، لكانا مشتركين فى الوجوب بالذات ، ومتباينين بالتعين. فيلزم وقوع التركيب فى ذات كل واحد منهما. وكل مركب فهو ممكن لذاته. فيلزم أن يكون الواجب لذاته ممكنا لذاته. وهو محال. وتمام البحث فيه قد تقدم فى مسألة حدوث الأجسام.
الحجة الثانية : الاله هو الّذي يكون قادرا على المقدورات. ولو فرضنا إلهين ، أراد أحدهما حركة زيد والآخر سكونه. فاما أن يحصل المرادان. وهو محال ، أو لا يحصل مراد واحد منهما. وذلك أيضا محال. لأن المانع لكل واحد منهما عن حصول مراده ليس هو مجرد كون الآخر قادرا ، بل حصول مقدور الآخر. فاذن لا يمتنع حصول مراد هذا ، الا اذا حصل مقدور ذاك. ولا يمتنع حصول مراد ذاك ، الا اذا حصل مقدور هذا. فلو حصل مراد كل واحد منهما لحصل مقدور كل واحد منهما. وحينئذ يرجع هذا القسم الثانى الى القسم الأول. وقد بينا أنه محال. أو يحصل مراد أحدهما دون الآخر.
وهذا أيضا محال لوجهين :
الأول : ان الّذي حصل مراده. فهو قادر. والّذي لم يحصل مراده. فهو عاجز. والعاجز لا يصلح للالهية.