والثانى : لما كانت لقدرة كل واحد منهما صلاحية التأثير فى ايجاد ذلك المقدور. فنقول : انه يستحيل أن يقال : ان احدى هاتين الصلاحيتين أقوى من الأخرى. وذلك لأن المقدور شيء واحد ، لا يقبل القسمة أصلا. واذا كان كذلك ، فهو اما أن يكون موجودا ، أو معدوما. فأما القسم الثالث. وهو أن يقال : انه يصير بعضه موجودا وبعضه معدوما. فذلك محال. واذا كان الأمر كذلك ، لم يكن ايجاد مثل هذا المقدور قابلا للتفاوت. واذا لم يقبل التفاوت ، امتنع كون احدى القدرتين أقوى من الأخرى.
اذا ثبت هذا ، فنقول : لما حصل التساوى فى قدرة هذين القادرين ، فلو حصل مقدور أحدهما دون الثانى ، لكان هذا ترجيحا لأحد المتساويين على الآخر ، من غير مرجح البتة. وذلك محال. فكان هذا القسم محالا. فثبت : أن القول بوجود إلهين : يفضى الى أحد هذه الأقسام الثلاثة. ولما ثبت أن كل واحد منهما محال باطل ، كان القول بوجود إلهين محالا باطلا.
فان قيل : هذه الأقسام الثلاثة متفرعة على وقوع المخالفة بين الالهين. فنقول : لم لا يجوز وجود الالهين ، بحيث يمتنع وقوع المخالفة بينهما ، فعليكم أن تدلوا على صحة هذه المخالفة. ولا يقال : الّذي يدل على صحة وقوع المخالفة بينهما : هو أنا لو قدرنا أحد هذين الالهين منفردا بالوجود ، لصح منه أن يريد حركة زيد. ولو قدرنا الاله الثانى منفردا بالوجود ، لصح منه أن يريد سكون زيد. واذا ثبت هذا حال الانفراد ، وجب أيضا حال الاجتماع. لأن ما لكل واحد من الذات والصفات. قديم. والقديم لا يجوز عليه التغير والتبدل. وهذا يقتضي أن يكون كل واحد منهما حال الاجتماع ، كما كان حال الانفراد. وهذا يوجب القطع بجواز المخالفة لأنا نقول :