المسألة السّادسة والعشرون
فى
أنه لا يجوز أن تكون أفعال الله
تعالى وأحكامه معللة بعلة البتة
اتفقت المعتزلة : على أن أفعال الله تعالى وأحكامه معللة برعاية مصالح العباد. وهو اختيار أكثر المتأخرين من الفقهاء. وهذا عندنا باطل. ويدل عليه وجوه خمسة :
الحجة الأولى : ان كل من فعل فعلا ، لأجل تحصيل مصلحة ، أو لدفع مفسدة ، فان كان تحصيل تلك المصلحة أولى له من عدم تحصيلها ، كان ذلك الفاعل قد استفاد بذلك الفعل تحصيل تلك الأولوية. وكل من (١) كان كذلك ، كان ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره. وهو فى حق الله تعالى محال. وان كان تحصيلها وعدم تحصيلها بالنسبة إليه سيان فمع الاستواء لا يحصل الرجحان ، فامتنع الترجيح.
لا يقال : حصولها ولا حصولها بالنسبة إليه ، وان كانا على التساوى ، الا أن حصولها أولى للعبد من عدم حصولها له ، فلأجل الأولوية العائدة الى العبد ترجح الوجود على العدم. لأنا نقول : تحصيل مصلحة العبد وعدم تحصيلها له اما أن يكونا متساويين بالنسبة الى الله تعالى ، أو لا يستويان. وحينئذ يعود التقسيم المذكور.
الحجة الثانية : لو كانت موجدية الله تعالى معللة بعلة ، لكانت تلك العلة. ان كانت قديمة لزم من قدمها قدم الفعل. وهو محال. وان
__________________
(١) ما : ا