تقدير حصول ذلك المرجح ، صار الفعل واجب الوقوع ، وعلى تقدير أن لا يحصل ، كان الفعل ممتنع الوقوع. وان كان الثانى ، هو الحق ، وهو أنه ما انتهى الى حد الوجوب. فنقول : اذا كان الأمر كذلك ، كان عند حصول ذلك المرجح ، لا يمتنع حصول ذلك الفعل تارة وعدم حصوله أخرى. وكل ما كان ممكنا لا يلزم من فرض وقوعه محال.
فلنفرضه تارة واقعا ، وأخرى غير واقع. فاختصاص أحد الوقتين بالوقوع ، والثانى بعدم الوقوع. اما أن يتوقف على انضمام قيد زائد إليه ، أو لا يتوقف. فان توقف لم يكن الّذي حصل أو لا ، تمام المرجح ، لأنه كان لا بد معه من هذا القيد. لكنا كنا فرضنا ما حصل أو لا ، تمام المرجح. هذا خلف.
وأيضا : فانه يعود التقسيم فى المجموع الحاصل من المرجح الأول ، ومن هذا القيد. فان لم يصر الرجحان واجبا ، افتقر الى مرجح آخر ، ولزم التسلسل. وهو محال. وان وجب ، عاد ما ذكرناه من لزوم الجبر. وأما ان كان اختصاص أحد الوقتين بالوقوع ، لا يتوقف على انضمام قيد زائد الى ما كان حاصلا أولا ، مع أن نسبة ذلك المرجح الّذي كان حاصلا أولا ، الى وقتى الوقوع واللاوقوع على السوية ، لزم رجحان أحد طرفى الممكن المتساوى على الآخر من غير مرجح. وهو محال. وأما القسم الثالث : وهو أن يحدث ذلك المرجح. لا من العبد ولا من الله تعالى. فهذا يقتضي حدوث الحادثات لا عن محدث. وتجويزه يبطل القول بالاستدلال بحدوث الحوادث على وجود الله تعالى. وهذا باطل.
هذا كله اذا قلنا بأن العبد حال كونه مصدرا للفعل ، يصح منه الترك بدلا عن الفعل ، الا أن هذا الرجحان يتوقف على مرجح. أما اذا قلنا : انه لا يتوقف على المرجح ، فحينئذ قد حصل الرجحان لا عن