ألا من لنفس لا تموت فينقضي |
|
شقاها ولا تحيا حياة لهم طعم |
قوله تعالى : (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ) قال ابن عباس : قد أدّى الفرائض ، (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) يعني : درجات الجنّة ، وبعضها أعلى من بعض. والعلى ، جمع العليا ، وهو تأنيث الأعلى. قال ابن الأنباري : وإنّما قال : «فأولئك» ، لأنّ «من» تقع بلفظ التّوحيد على تأويل الجمع. فإذا غلب لفظها ، وحّد الرّاجع إليها ، وإذا بيّن تأويلها ، جمع المصروف إليها.
قوله تعالى : (وَذلِكَ) يعني الثواب (جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) أي : تطهّر من الكفر والمعاصي.
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢))
قوله تعالى : (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) أي : سر بهم ليلا من أرض مصر (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً) أي : اجعل لهم طريقا (فِي الْبَحْرِ يَبَساً) قرأ أبو المتوكّل والحسن والنّخعيّ : «يبسأ» بإسكان الباء. وقرأ الشّعبيّ وأبو رجاء وابن السّميفع : «يابسا» بألف. قال أبو عبيدة : اليبس ، متحرك الحروف ، بمعنى اليابس ، يقال : شاة يبس ، أي يابسة ليس لها لبن. وقال ابن قتيبة : يقال لليابس : يبس ، ويبس. قوله تعالى : (لا تَخَفْ) قرأ الأكثرون بألف. وقرأ أبان وحمزة عن عاصم : «لا تخف» قال الزّجّاج : من قرأ «لا تخاف» فالمعنى : لست تخاف ، ومن قرأ «لا تخف» فهو نهي عن الخوف. قال الفرّاء : قرأ حمزة : «لا تخف» بالجزم ، ورفع «ولا تخشى» على الاستئناف ، كقوله تعالى : (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) استأنف ب «ثم» فهذا مثله ، ولو نوى حمزة بقوله : «ولا تخش» الجزم وإن كانت فيه الياء ، كان صوابا ، قال ابن قتيبة : ومعنى (دَرَكاً) لحاقا. قال المفسّرون : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا ، وهذا البحر بين أيدينا ، فأنزل الله على موسى (لا تَخافُ دَرَكاً) أي : من فرعون ، ولا تخشى غرقا في البحر.
قوله تعالى : (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ) قال ابن قتيبة : لحقهم. وروى هارون عن أبي عمرو : «فاتّبعهم» بالتشديد. وقال الزّجّاج : تبع الرجل الشيء ، وأتبعه ، بمعنى واحد ، ومن قرأ «فاتّبعهم» بالتشديد ، ففيه دليل على أنه اتّبعهم ومعه الجنود. ومن قرأ «فأتبعهم» فمعناه : ألحق جنوده بهم ، وجائز أن يكون معهم على هذا اللفظ ، وجائز أن لا يكون إلّا أنه قد كان معهم ، (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) أي : فغشيهم من
____________________________________
مُجْرِماً) أي : يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم (فَإِنَّ لَهُ) نار (جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) وروى الإمام مسلم وأحمد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحبون ، ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم فتميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة ، فجيء بهم ضبائر ضبائر ، فبثوا على أنهار الجنة فيقال : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم. فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، فقال رجل من القوم : كأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان في البادية.