مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤))
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ).
(٩٧٨) سبب نزولها أنّ رجالا من ثقيف أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا يا محمّد : كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
قوله تعالى : (فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) قال المفسّرون : النّسف : التّذرية. والمعنى : يصيّرها رمالا تسيل سيلا ، ثم يصيّرها كالصّوف المنفوش ، تطيّرها الرياح فتستأصلها (فَيَذَرُها) أي : يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها (قاعاً) قال ابن قتيبة القاع من الأرض : المستوي الذي يعلوه الماء ، والصّفصف : المستوي أيضا ، يريد : أنه لا نبت فيها.
قوله تعالى : (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) في ذلك ثلاثة أقوال : أحدها : أنّ المراد بالعوج : الأودية ، وبالأمت : الرّوابي ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وكذلك قال مجاهد : العوج : الانخفاض ، والأمت : الارتفاع ، وهذا مذهب الحسن. وقال ابن قتيبة : الأمت : النّبك. والثاني : أنّ العوج : الميل ، والأمت : الأثر مثل الشّراك ، رواه العوفيّ عن ابن عباس. والثالث : أنّ العوج : الصّدع ، والأمت : الأكمة.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) قال الفرّاء : أي يتّبعون صوت الدّاعي للحشر ، لا عوج لهم عن دعائه : لا يقدرون أن لا يتّبعوا. قوله تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ) أي : سكنت وخفيت (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : وطء الأقدام ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ومجاهد في رواية ، واختاره الفرّاء ، والزّجّاج. والثاني : تحريك الشّفاه بغير نطق ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثالث : الكلام الخفيّ ، روي عن مجاهد. وقال أبو عبيدة : الصّوت الخفيّ.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) يعني لا تنفع أحدا (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) أي : إلّا شفاعة من أذن له الرّحمن ، أي : أذن أن يشفع له (وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي : ورضي للمشفوع فيه قولا ، وهو الذي كان في الدنيا من أهل «لا إله إلّا الله». (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) الكناية راجعة إلى الذين يتّبعون الدّاعي. وقد شرحنا هذه الآية في سورة البقرة (١) وفي هاء «به» قولان : أحدهما : أنها ترجع إلى الله تعالى ، قاله مقاتل. والثاني : إلى «ما بين أيديهم وما خلفهم» ، قاله ابن السّائب.
قوله تعالى : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ) قال الزّجّاج : «عنت» في اللغة : خضعت ، يقال : عنا يعنو : إذا
____________________________________
(٩٧٨) باطل ، عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، ورواية أبي صالح هو الكلبي وهذا إسناد ساقط ، وتفرد به المصنف عند هذه الآية دون سائر أهل التفسير ، ولم أجده عند غيره ، فهو شبه موضوع ، بل هو باطل.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٥.