(٨٩٢) والثالث : أنهم ناس من مزينة جاءوا يستحملون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «لا أجد ما أحملكم عليه» ، فبكوا ، فنزلت هذه الآية ، قاله عطاء الخراسانيّ.
(٨٩٣) والرابع : أنها نزلت في خبّاب ، وبلال ، وعمّار ، ومهجع ، من الفقراء ، كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلا يجد ما يعطيهم ، فيعرض عنهم ويسكت ، قاله مقاتل ، فعلى هذا القول والذي قبله تكون الرّحمة بمعنى الرّزق.
قوله تعالى : (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) قال أبو عبيدة : لينا هينا ، وهو من اليسر. وللمفسّرين فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه العدة الحسنة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد. والثاني : أنه القول الجميل ، مثل أن يقول : رزقنا الله وإيّاك ، قاله ابن زيد ؛ وهذا على ما تقدّم من قوله. والثالث : أنه المداراة لهم باللسان ، على قول من قال : هم المشركون ، قاله أبو سليمان الدّمشقي ، وعلى هذا القول ، تحتمل الآية النّسخ.
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١))
قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ).
(٨٩٤) سبب نزولها : أنّ غلاما جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال ، إنّ أمّي تسألك كذا وكذا ، قال : «ما عندنا اليوم شيء» ، قال : فتقول لك : اكسني قميصك ، قال : فخلع قميصه فدفعه إليه ، وجلس في البيت حاسرا ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن مسعود. وروى جابر بن عبد الله نحو هذا ، فزاد فيه ، فأذّن بلال للصلاة ، وانتظروه فلم يخرج ، فشغل قلوب الصّحابة ، فدخل عليه بعضهم ، فرأوه عريانا ، فنزلت هذه الآية.
والمعنى : لا تمسك يدك عن البذل كلّ الإمساك حتى كأنها مقبوضة إلى عنقك ، (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) في الإعطاء والنّفقة (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) تلوم نفسك ويلومك الناس ، (مَحْسُوراً) قال ابن قتيبة : تحسرك العطيّة وتقطعك كما يحسر السّفر البعير فيبقى منقطعا به. قال الزّجاج : المحسور : الذي قد بلغ الغاية في التعب والإعياء ، فالمعنى : فتقعد وقد بالغت في الحمل على نفسك وحالك حتى صرت بمنزلة من قد حسر. قال القاضي أبو يعلى : وهذا الخطاب أريد به غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأنه لم يكن يدّخر شيئا
____________________________________
(٨٩٢) واه بمرة. فهو مرسل ومع إرساله. عطاء بن عبد الله الخراساني ضعفه البخاري وابن حبان ، وغيرهما. والمتن منكر جدا ، فإن خير مزينة كان في غزوة تبوك ، وهذه السورة مكية أو في أول العهد المدني.
(٨٩٣) باطل. عزاه المصنف لمقاتل ، وهو متروك متهم ، والمتن منكر ، فهو باطل ، وذكره البغوي في «تفسيره» ٣ / ١١٢ بدون سند ولا عزو لأحد.
(٨٩٤) ضعيف جدا. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٥٧٥ من حديث ابن مسعود ، وإسناده ضعيف جدا. فيه سليمان بن سفيان الجهني متروك ، والخبر لا شيء ، شبه موضوع. وذكره الواحدي في «أسبابه» ٥٧٦ عن جابر بدون إسناد.