لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلاَّ الصَّابِرُونَ (٨٠))
قوله تعالى : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) قال الحسن : في ثياب حمر وصفر ؛ وقال عكرمة : في ثياب معصفرة. وقال وهب بن منبّه : خرج على بغلة شهباء عليها سرج أحمر من أرجوان ، ومعه أربعة آلاف مقاتل ، وثلاثمائة وصيفة عليهنّ الحليّ والزّينة على بغال بيض. قال الزّجّاج : الأرجوان في اللغة : صبغ أحمر. قوله تعالى : (لَذُو حَظٍّ) أي : لذو نصيب وافر من الدنيا. (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال ابن عباس : يعني الأحبار من بني إسرائيل. وقال مقاتل : الذين أوتوا العلم بما وعد الله في الآخرة قالوا للذين تمنّوا ما أوتي قارون (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ) أي : ما عنده من الجزاء (خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ) ممّا أعطي قارون. قوله تعالى : (وَلا يُلَقَّاها) قال أبو عبيدة : لا يوفّق لها ويرزقها. وقرأ أبيّ بن كعب ، وابن أبي عبلة : «ولا يلقاها» بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف. وفي المشار إليها ثلاثة أقوال : أحدها : أنها الأعمال الصّالحة ، قاله مقاتل. والثاني : أنها الجنّة ، والمعنى : لا يعطاها في الآخرة إلّا الصّابرون على أمر الله تعالى ، قاله ابن السّائب. والثالث : أنها الكلمة التي قالوها ، وهي قولهم : «ثواب الله خير» ، قاله الفرّاء.
(فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ (٨١) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢))
قوله تعالى : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) لمّا أمر قارون البغيّ بقذف موسى على ما سبق شرحه غضب موسى فدعا عليه ، فأوحى الله تعالى إليه : إنّي قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها ؛ فقال موسى : يا أرض خذيه ، فأخذته حتى غيّبت سريره ، فلمّا رأى ذلك ناشده بالرّحم ، فقال : يا أرض خذيه ، فأخذته حتى غيّبت قدميه ؛ فما زال يقول : خذيه ، حتى غيّبته ، فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى ما أفظّك ، وعزّتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته. قال ابن عباس : فخسفت به الأرض إلى الأرض السّفلى. وقال سمرة بن جندب : إنّه يخسف به كلّ يوم قامة ، فتبلغ به الأرض السّفلى يوم القيامة. قال مقاتل : فلمّا هلك قارون قال بنو إسرائيل : إنّما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره ، فخسف الله تعالى بداره وماله بعده بثلاثة أيام (١).
قوله تعالى : (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) أي : يمنعونه من الله تعالى (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) أي : من الممتنعين ممّا نزل به. ثم أعلمنا أنّ المتمنّين مكانه ندموا على ذلك التّمنّي بالآية التي تلي هذه. وقوله تعالى : (لَخَسَفَ بِنا) الأكثرون على ضمّ الخاء وكسر السين. وقرأ يعقوب ، والوليد عن ابن عامر ، وحفص ، وأبان عن عاصم : بفتح الخاء والسين. فأما قوله تعالى : «ويك» فقال ابن عباس : معناه : ألم تر ، وكذلك قال أبو عبيدة ، والكسائيّ. وقال الفرّاء : «ويك أن» في كلام العرب تقرير ، كقول الرجل :
__________________
(١) هذا الأثر مصدره كتب الأقدمين لا حجة فيه.