الذي يشتمل على المدن الكثيرة : طوفان ، وكذلك القتل الذّريع ، والموت الجارف : طوفان. قوله تعالى : (وَهُمْ ظالِمُونَ) قال ابن عباس : كافرون.
قوله تعالى : (وَجَعَلْناها) يعني السّفينة ، قال قتادة : أبقاها الله تعالى آية للناس بأعلى الجوديّ. قال أبو سليمان الدمشقي : وجاز أن يكون أراد : الفعلة التي فعلها بهم من الغرق (آيَةً) ، أي عبرة (لِلْعالَمِينَ) بعدهم.
(وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨))
قوله تعالى : (وَإِبْراهِيمَ) قال الزّجّاج : هو معطوف على نوح ، والمعنى : أرسلنا إبراهيم.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ) يعني عبادة الله (خَيْرٌ لَكُمْ) من عبادة الأوثان (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما هو خير لكم ممّا هو شرّ لكم ؛ والمعنى : ولكنّكم لا تعلمون. (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) قال الفرّاء : «إنّما» في هذا الموضع حرف واحد ، وليست على معنى «الذي» ، وقوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) مردود على «إنّما» ، كقولك : إنما تفعلون كذا ، وإنما تفعلون كذا. وقال مقاتل : الأوثان : الأصنام. قال ابن قتيبة : واحدها وثن ، وهو ما كان من حجارة أو جصّ. قوله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) وقرأ ابن السّميفع ، وأبو المتوكّل : «وتختلقون» بزيادة تاء. ثم فيه قولان : أحدهما : تختلقون كذبا في زعمكم أنّها آلهة. والثاني : تصنعون الأصنام ؛ فالمعنى : تعبدون أصناما أنتم تصنعونها. ثم بيّن عجزهم بقوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أي : لا يقدرون على أن يرزقوكم (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) أي : فاطلبوا من الله تعالى ، فإنّه القادر على ذلك. قوله تعالى : (وَإِنْ تُكَذِّبُوا) هذا تهديد لقريش (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) والمعنى : فأهلكوا.
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣))
(أَوَلَمْ يَرَوْا) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «يروا» بالياء. وقرأ حمزة ، والكسائيّ : بالتاء. وعن عاصم كالقراءتين. وعنى بالكلام كفّار مكّة (كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) أي : كيف يخلقهم ابتداء من نطفة ، ثم من مضغة إلى أن يتمّ الخلق (ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي : ثم هو يعيده في الآخرة عند البعث. وقال أبو عبيدة : مجازه : أولم يروا كيف استأنف الله الخلق الأوّل ثم يعيده. وفيه لغتان : أبدأ وأعاد ، وكان مبدئا ومعيدا ، وبدأ وعاد ، وكان بادئا وعائدا.