قوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ) روى أبو بكر ، عن عاصم «على مكاناتهم» وقد سبق بيان هذا (١). وفي المراد بقوله : «لمسخناهم» أربعة أقوال : أحدها : لأهلكناهم ، قاله ابن عباس. والثاني : لأقعدناهم على أرجلهم ، قاله الحسن ، وقتادة. والثالث : لجعلناهم حجارة ، قاله أبو صالح ، ومقاتل. والرابع : لجعلناهم قردة وخنازير لا أرواح فيها ، قاله ابن السّائب. وفي قوله : (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) ثلاثة أقوال : أحدها : فما استطاعوا أن يتقدّموا ولا أن يتأخّروا ، قاله قتادة. والثاني : فما استطاعوا مضيّا عن العذاب ، ولا رجوعا إلى الخلقة الأولى بعد المسخ ، قاله الضّحّاك. والثالث : مضيّا من الدنيا ولا رجوعا إليها ، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
قوله تعالى : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) قرأ حمزة : «ننكّسه» مشدّدة مع ضمّ النون الأولى وفتح الثانية ؛ والباقون : بفتح النون الأولى وتسكين الثانية من غير تشديد ؛ وعن عاصم كالقراءتين. ومعنى الكلام : من نطل عمره ننكّس خلقه ، فنجعل مكان القوّة الضّعف ، وبدل الشباب الهرم ، فنردّه إلى أرذل العمر. (أَفَلا يَعْقِلُونَ) قرأ نافع ، وأبو عمرو : «أفلا تعقلون» بالتاء ، والباقون بالياء. والمعنى : أفلا يعقلون أنّ من فعل هذا قادر على البعث؟
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠))
قوله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) قال المفسّرون : إنّ كفّار مكّة قالوا : إنّ القرآن شعر وإنّ محمّدا شاعر ، فقال الله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي : ما يتسهّل له ذلك. قال المفسّرون : ما كان يتّزن له بيت شعر ،
(١٢٠١) حتى إنه روي عنه صلىاللهعليهوسلم أنه تمثّل يوما فقال : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا.
فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنما قال الشاعر :
كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا
أشهد أنّك رسول الله ، ما علّمك الله الشّعر ، وما ينبغي لك.
(١٢٠٢) ودعا يوما بعباس بن مرداس فقال : «أنت القائل :
أتجعل نهبي ونهب العبيد |
|
بين الأقرع وعيينة»؟ |
فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمّي ، لم يقل كذلك ، فأنشده أبو بكر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يضرّك بأيّهما بدأت» ، فقال أبو بكر : والله ما أنت بشاعر ، ولا ينبغي لك الشّعر.
____________________________________
(١٢٠١) ضعيف جدا. أخرجه ابن سعد ١ / ٢٩٨ والبغوي في «معالم التنزيل» ١٧٨٩ وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ٣ / ٧٠٩ من طريق علي بن زيد عن الحسن مرسلا ، وإسناده ضعيف جدا وله علل ثلاث : الأولى : ضعف علي بن زيد ، والثانية : هو مرسل ، والثالث : مراسيل الحسن واهية.
(١٢٠٢) ضعيف. هو بعض حديث أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٥ / ١٧٩ ـ ١٨١ ـ ١٨٢ وعلته الإرسال.
__________________
(١) البقرة : ٦٥.