عرفت حالهم في أواخر المقدمة الخامسة ، وعلى اتباعهم بحيث يتنبأ بنوهم وبناتهم ، وذكر كتابهم ان أربع عذارى في بيت واحد كن نبيات ، «١٠ ع ٢١ ، ٩».
هذا وقد فوض للتلاميذ أن يمحوا رسوم الشريعة ، ونادت كتبهم بالفداء والخلاص ، ولم تنفتح باب الرسالة العامة ، ولم يرتفع عنها الحجر حتى للمسيح إلا للتلاميذ ، ولكنها تقول : انها كانت بالدعوة الى التثليث لا إلى التوحيد ، ثم عادت النبوة والرسالة الى حجرها الأول ، وسد بابها واحكام رتاجها.
فلسان حال المتكلف والمتعرب وفحوى مقالهما يقولان : إذا فكيف يسوّغ الله أن يرسل رسولا الى غير بني اسرائيل من غير بني اسرائيل بغير الشريعة المعروفة في العهد القديم ، وغير الوعد والوعيد المذكورين فيه ، أو بغير الفداء المذكور في العهد الجديد ، وكلما يذكر في خلاف ذلك فهو من الخرافات ، فكيف يبعث الله رسلا الى عاد وثمود وأهل مدين ليأمروهم بعبادة الله وتوحيده وتقواه وطاعة أمر الرسول ، واطراح عبادة الأوثان والفساد في الأرض؟ أم كيف تصدر من موسى دعوة فرعون وقومه الى الإيمان والهدى والصلاح؟ أم كيف يكون من آل فرعون مؤمن ينصح قومه وينذرهم بيوم القيامة ويعظهم بهلاك من قبلهم ويقول : (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) (١).
وكيف يكون ذلك والتوراة لم تذكر يوم القيامة ولم تتوعد به ، وإن ذكرت القيامة في العهد الجديد ، فباحتجاج واهن فاسد أو وعد مكذوب (٢) فكل ما يذكر من النبوات في غير الكذب على فرعون ومخادعته بإطلاق بني اسرائيل ليذهبوا سفر ثلاثة ايام ، مع ان الغرض والوعد هو التوجه الى أرض كنعان ، وغير استلاب الأرض من الكنعانيين وقتلهم وقتل أطفالهم ونسائهم وبهائمهم ، وغير الشريعة لخصوص بني اسرائيل ، وغير وعيدهم بالمرض والفقر وتسلط
__________________
(١) سورة المؤمن ٣١ ـ ٣٦.
(٢) انظر الجزء الأول صحيفة ٢٣٥ و ٢٣٦.