الحكماء والسحرة ففعل أيضا عرفوا مصر بسحرهم كذلك «خر ٧ ، ١١» فلم تذكر ما يلزم في العادة أن يجري من الكلام بين فرعون وبينهم ولا أقل من أمر فرعون لهم بمقابلة موسى بسحرهم ، وحثهم على اتقان السحر لكي تتم له المقابلة ، فإن مثل الساحر في هذا المقام يحتاج الى الحث والترغيب في اتقان عمله ، لكي ينصح فيه ، فانه من الأعمال الخفية التي يجوز أن يقصر فيها ، ويقول هذا حد مقدوري ..
واعترض المتكلف أيضا على قوله تعالى في سورة طه ٧ : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) ..
فقال : لم يرد في كتاب الله ان موسى جزع وخاف من شعوذة السحر وهو يعرف كذبها ، هذا فضلا عن بسالته.
قلنا : «أولا» ان توراته لم تذكر في قصصها البتراء ان موسى ارتعد أو ارتعب عند ما كلمه الله في حوريب في عليقة النار «خر ٣ ، ١ ـ ٦» وفي جبل سينا «خر ١٩» ، مع ان العهد الجديد يذكر ان موسى ارتعد في الكلام الأول «ا ع ٧ ، ٣٢».
وقال في الكلام الثاني : أنا مرتعب ومرتعد «عب ١٢ ، ٢١» ، وان ارتعاد موسى وارتعابه في هذين المقامين أهم الامور بالذكر في مثل التوراة ، فما ذا تقول بكتاب يهمل مثل هذا ويشتغل بالسفاسف؟.
«وثانيا» ان القرآن لم يقل ان موسى جزع وخاف واضطرب وإنما قال : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً) بتنكير خيفة ـ أي أحس بشيء من الخيفة ـ وهو كناية عن قلة الخيفة وزوالها.
ولم يقل القرآن ان موسى ارتاع وخاف من هول السحر ، بل ان موسى الرسول الأمين الحريص على هدى الناس ، وإجراء أحكام الله اختلج في نفسه شيء من خوف أن يفتتن الناس بتمويه السحر فيستحكم الضلال وتقف معجزته عن تأثيرها المطلوب.
ويدل على ذلك ان الله جل شأنه آمنه بقوله جل اسمه ٧١ : (لا تَخَفْ