لم يعلهما نير وارجعوا عنهما ولديهما ، فاستقامت البقرتان في الطريق الى طريق بيتشمس ، وكانتا تسيران في سكة واحدة وتجأران ولم تميلا يمينا ولا شمالا وأقطاب الفلسطينيين يسيرون ورائهما الى تخم بيتشمس حتى أتت العجلة تسير بها البقرتان على هذا الحال الى حقل يهوشع البيتشمسي ووقفت هناك فأنزل اللاويون تابوت الرب «١ صم ٦ ، ٧ ـ ١٦» ومن المعلوم في العادة ان مثل هاتين البقرتين لا ينبغي أن يتحركا خطوة واحدة ولو كان لهما عدة من السائقين والقائدين لأجل انهما لم تعلما على وضع نير على أعناقهما وعلى جر الثقيل خلفهما ، بل يلزمهما في العادة في كل آن ان تشمصا وترجعا الى ولديهما الذين ارجعا عنهما.
فكيف تسيران عدة أميال على الاستقامة في الطريق الى حقل يهوشع بلا قائد ولا دليل.
وهل هذا التسخير إلا من الآيات وخوارق العادة وتصرف الملائكة ، فهو راجع في الحقيقة الى قول القرآن الكريم تحمله الملائكة ، ولم يقل القرآن ان الملائكة حملت التابوت وأدخلته بيت شاول ، بل إنما قال ذلك المتكلف من تحريك ذلك الروح الذي اخبر عنه ميخا «١ مل ٢٢ ، ٢٢» ، وإنما قال القرآن لبني اسرائيل (يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) فيكون صدق النبي بمجيء التابوت من حيث لا يحتسبون على نحو معجز هواية ودليلا على صدقه بقوله ان الله جعل طالوت ملكا ، والعهد القديم يخبر بمجيء التابوت على هذا الوجه بنحو لا يكون إلا من تصرف الأرواح السماوية وهم الملائكة.
واعترض المتكلف أيضا على قوله تعالى في وصف (التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ) فقال : وصوابه شخينا وهي كلمة عبرية معناها الروح ، أو مأخوذ من شاخونة ومعنى سكن ، وقد سبقه المتعرب الى هذا الاعتراض «ذ» ص ٨٦.
قلت : السكينة مأخوذة من السكون بمعنى الطمأنينة ـ أي روح تقتضي سكون بني اسرائيل وطمأنينتهم بها ـ ، وكنى عنها في الأحاديث بالريح باعتبار سريان روحها وبركتها الى بني اسرائيل ، كما تروح الريح الطيبة ، وتنعش بسريانها ، ووصفت مجازا بأن لها وجها كوجه إنسان باعتبار ان روحانيتها