اطلقني لأنه قد طلع السحر فقال يعقوب : لا اطلقك إن لم تباركني ، فقال له : ما اسمك؟ فقال يعقوب فقال لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب ، بل يسرائيل «أي يجاهد الله» لأنك جاهدت مع الله ومع الناس وقدرت ، وسأل يعقوب وقال : اخبرني باسمك فقال لما ذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل «أي وجه الله» لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي وأشرقت له الشمس وهو يخمع على فخذه «تك ٣٢ ، ٢٤ ـ ٣٢» وبقوته جاهد الله «هو ١٢ ، ٤».
فلسان حال التوراة الرائجة في منقولاتها يقول : لا تليق البركة ولا تهنأ إلا ليعقوب ، إذ لم يتحمل فيها منة وذلة ، فمرة أخذها من أبيه بغلبة المخادعة والكذب «تك ٢٧ ، ١ ـ ٣٧» ، ومرة أخذها من الله «تعالى شأنه» بغلبة القوة .. ولعله لذا لا يسمح الكتابيون بمثل هذه البركة لغير ذرية يعقوب.
ولينظر المتكلف الى ما يذكره الملوك الاول «٢٢ ، ١٩ ـ ٢٣» والايام الثاني «١٨ ، ١٨ ـ ٢٢» من ان الله «ع يهوه» جل اسمه جلس على كرسيه وكل جند السماء وقوف عن يمينه ويساره ، فقال من يغوي «اخاب»؟ فقال جند السماء : هذا هكذا وذاك هكذا ، «ولكن المقدسون من جند السماء لم يهتدوا الى الرأي» ، وخرج الروح ووقف أمام الله وقال : أنا أغويه ، فقال بما ذا؟ فقال : اخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه فقال : انك تغويه وتقدر فاخرج وافعل هكذا.
فما ذا يقول المتكلف في هذا؟ ولما ذا لا يقول أقلا انه يلزم من ذلك ان يكون روح الكذب أعرف بصواب الرأي وأقدر على رفع الحيرة ، ولينظر المتكلف الى ما تذكره أناجيله «مت ٤ ، ١ ـ ١٠ ولو ٤ ، ١ ـ ١٠» من ان المسيح بعد نزول الروح القدس عليه وامتلائه منه وصومه أربعين يوما جاءه ابليس ليغويه فأخذه من البرية الى اورشليم وأوقفه على جناح الهيكل ثم أخذه أيضا الى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك المسكونة ومجدها في لحظة من الزمان وقال له : أعطيك هذه جميعا ان خررت وسجدت لي ، ولما ذا لا يقول المتكلف يلزم من ذلك أن يكون ابليس قادرا على التصرف والتنقل بأقنوم الاله والاله