فأنكر المتكلف ذلك «يه ٢ ج ص ٩٢ و ٩٣» وزعم ان القرآن نسب الى مريم قصة هاجر أم اسماعيل ، وان مريم ولدت المسيح في بيت لحم اليهودية ، ولم تكن في البرية ، ولم تهز جذع النخلة ، ولم يضرب ملاك ولا غيره الأرض برجله ، ولم تنذر لله السكوت ، وان هذه الأمور من خرافات المسيحيين ، وان كلام المسيح وهو طفل مأخوذ من خرافات المسيحيين.
قلنا : لا يلزم أن نقول ان جزم المتكلف في انكاره هاهنا لا يليق إلا من نبي مؤيد مصدق أو ممن يعتمد فيه على برهان قاطع ، بل نقول : ينبغي أقلا أن يكون من معروف بالأمانة وصدق اللهجة والمعرفة بمواقع الكلام وكتب ديانته ، سالم من داء التعصب والبواعث الردية والتحريف والتغافل أو الغفلة عما في كتب ديانته ، غير معروف باضداد ذلك ، ولا نقول أكثر من ذلك بل نجعل الحكم لمن ينظر في مباحثات كتابنا هذا.
ولا تقل ان المتكلف اغتر واعتمد في إنكاره على أناجيله لأنا نخبرك بأنه لم يتعرض من أناجيله لهذا الحال إلا انجيل لوقا وهو لا ينفي شيئا مما ذكره القرآن الكريم ، فانظر «لو ٢ ، ١ ـ ٨».
ولا تقل أيضا ان المتكلف اعتمد في ذلك على أحكام المجامع وإصلاحه الديني من ناشئة البروتستنت ، فإنه لا يخفى عليك انه ليس من ولاية المجامع والإصلاح إنكار وقوع الحوادث الممكنة في قدرة الله كرامة لأوليائه ، بل غاية ما يسع المجامع ان تنكر كون الكتاب المشتمل عليها كتابا قانونيا فيكون بذلك كتاب تاريخ أو مجموع تقاليد ، نعم ان سياسة البروتستنت اقتضت أن يطرحوا التقاليد المسيحية ويطووا غثها على سمينها ، ولكن ذلك كله لو استقام لما كان فيه جزم بنفي ما أنكروه ، بل غايته الاعراض عنه لشكهم فيه خصوصا أو في ضمن العموم ، فإن الجزم بنفي وقوع الشيء لا يسوغه الأدب والعقل إلا بإقامة البرهان على عدمه أو امتناعه ..
ولا اظنني اخطىء إذا قلت ان هذا الإنكار الجزمي من المتكلف وقوله : ان هذه الأمور من خرافات المسيحيين إنما جاءه من عدوى داء الطبيعة فاستحكم فيه وسخر افكاره بتعليمه ، وإلا فلما ذا تكون منقولات المسيحيين في شأن