ولا يمتنع فرض الحكمة في شريعة المحرقات باعتبار حال الوقت والعوائد وبني اسرائيل ، فلا تقل لا يوجد فيها أثر إلا اتلاف المال وتضييعه من دون نفع للفقير أو غيره ..
ولكن قل متأسفا ما أسوأ التعبير عن المحرقات بأنها رائجة سرور لله ، ومع ذلك تنسب العبارة الى قول الله جل وعلا ، وكذا رائجة سروري ، وقل أيضا ما معنى سكب المسكر ، وما أسوأ التعبير بأنه سكيب مسكر للرب وهذا يقتضي أن يعمل مصنع للمسكر ويدخر لأجل هذا الشعار ، أفلا يدعو هذا الى الرغبة في المسكر ودوام وجوده ، وهو رأس الخبائث ، ومنبع الشرور ، إذا وأين ذم الخمر والمسكر في العهدين كما ذكرناه في الجزء الأول صحيفة ٢١٠ ـ ٢١١.
«ومنها» السبت ولزوم ترك الاعمال فيه ، «ومنها» عيد الفصح وعيد الاسابيع وعيد المظال وأن يحضر في هذه الاعياد جميع الذكور من بني اسرائيل في المحل الذي يختاره الله كبيت المقدس في أورشليم.
ولعلك تشك في ان هذا من شريعة الله المعطاة لموسى وتقول ان الله الحكيم الذي شرع في القرآن الكريم صلاة الخوف والتحذر من العدو لا يناسب حكمته أن يأمر بني اسرائيل بأن يجتمع جميع ذكورهم في الاعياد في بيت المقدس ونحوه ويتركوا حرمهم ونسائهم بلا ذكر يحميهن من سوء الاعداء والفسقة ، وهم بين كفار وثنيين يطلبون بني اسرائيل بالاحقاد والثارات والذحول ، وان الله تبارك اسمه ليعلم انهم مئات من الألوف سينتشرون في أرض الموعد بحيث تبلغ مسافة كثير منهم عن بيت المقدس ونحوه مسيرة يوم أو يومين ، ويعلم ما تذكره التوراة الرائجة وكتاب يشوع «يوشع» ان صح نقلهما فيما صنعه بنو اسرائيل بسكان الارض من سوء الولاية وقتل النساء والاطفال واحراقهم مع البلاد والبهائم ، وقولهما ان ذلك عن أمر الله ، إذا فكيف يأمرهم بشريعة تترك نسائهم وبناتهم مطمعا للثائرين والفسقة.
«ومن الشعائر» صنعة خيمة الاجتماع والتابوت وثياب هارون وبنيه والذبائح لتقديسهم وللتكفير وسائر أحكام الكهنة ، «خر ٢٥ ـ ٣١ ولا ١٦ ـ و ٢١».