التحلي بفضيلة الاقرار بالإله الصانع ، والتطهر من رجاسة الشرك ، فلا يخالس به التوحيد أو يسر حسوا بارتعاء ، ثم يترقى في معارجه بالعمل الصالح ، والتقوى ، والصبر ، والتوكل والعرفان ، والتسليم ، والتهيؤ لطاعة الرسول فيما يبلغه عن الله.
فنقول : دع عنك المتعرب إذ وصلت بسؤالك الى ان الله جل شأنه أمر المؤمنين في الآية بالترقي في معارج الإيمان ببركة التقوى والإيمان بالرسول ليقوم بذلك نظام الشريعة والمدنية وتنال به سعادة الدنيا والآخرة.
فأما قوله تعالى في سورة الأعراف ١٦٠ (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) ، فإن المعدود فيه محذوف يهدي إليه المقام ، أي اثنتي عشرة قبيلة حال كونهم أسباطا وامما.
والمتعرب توهم ان السبط في اللغة العربية بمعنى القبيلة كما توهمه مترجمو التوراة الى العربية ، ولم يدر أن السبط هو الشخص الواحد ، وأما القبيلة فهي أسباط متعددون لا سبط واحد.
وأما قوله تعالى في سورة المنافقين ٩ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ١٠ وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ، فجزم «اكن» لأجل التنبيه على ان الكون من الصالحين اولى بأن يكون جزاء للطلب «بلو لا» وغاية للتأخير. ليتدارك به الخسران الحاصل بسبب اللهو بفتنة الأموال والأولاد عن تقوى الله. ونسيانه بفعل المعاصي : ولو لم يجزمه بل تركه على النسق لضاعت هذه المزية الشريفة والتنبيه البارع. بل وكذا لو قدمه في النسق. ومن هذا النحو قول خارجة بن الحجاج الأيادي :
فابلوني بليتكم (١) لعلي |
|
اصالحكم واستدرج نويا |
__________________
(١) البلية : ناقة كانت الجاهلية تعقلها عند قبر الميت حتى تموت عطشا وجوعا. يزعمون ان الميت يركبها : يقول اصنعوا الى البلية لعلى اصالحكم واقرب بركوبها نواى.