اضربوه ببعضها» اي تلك البقرة التي تقدم ذكرها ، فنظم البيان نظم العقد ، واوحى الى الفهم بواسطة الضمير في قوله «ببعضها» جميع خصوصيات القصة من دون ان ينحل نظام البيان وتتباعد اطراف الكلام وتبعد مسافته على الفهم ، بل جلاء القصة مع المحافظة على عناوين الامتنان احسن جلوة ونوع الامتنان أحسن تنويع ، وما ظنك لو اقحم الامتنان الأول في اثناء الامتنان الثاني ، أفلا يتشتت شمل البيان ، وتندمج بينات الامتنان ، ويعود الكلام بيداء ماحلة تأتي على الفهم بطول المسافة بعد ان كان روضة زاهرة يرتاح إليها ويتمتع بشذاها ..
ولئن استهزأ المتعرب بالقرآن الكريم والراسخين في العلم فانا لا نستهزئ بالمغمورين بالتعصب ، المفضوحين بالجهل والضلال ، (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
وأما قوله تعالى في سورة الصافات ١٣٠ : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) بعد قوله تعالى ١٢٣ : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) فذلك لأن هذا الرسول لاسمه العبراني في اللغة العربية تعريبان «الياس ، والياسين» كما ان اسمه في العبرانية جاء في العهد القديم على وضعين : احدهما «الياء» باشباع فتحه الياء وإسكان الهاء بعدها «انظر ٢ مل ١ ، ٣ و ٤ و ٨ و ١٢» ، وثانيهما «الياهو» بضم الهاء وتشديد الواو «انظر ٢ مل ١ ، ١٠ و ١٥ و ١٧».
وأما قوله تعالى في سورة التين ٢ (وَطُورِ سِينِينَ) فلأن لهذا المسمى في العربية اسمين «سيناء ، وسينين» ، كما انه يسمى في العبرانية في العهد القديم مرة «سيني» بفتح النون بالفتحة الخالصة ، وإسكان الياء بعدها «انظر خر ١٩ ، ٢ و ١٨ ومز ٦٨ ، ٩» ونص في حاشية هذا المزمور على ذلك فضلا عن رسم الاعراب ويسمى مرة اخرى «سيناي» بفتح النون بالفتحة المشالة الى الألف «انظر خر ١٩ ، ١ ولا ٢٧ ، ٣٤» هذا كله مع قطع النظر عن رموز النغمة المصطلحة عند اليهود في قراءة العهد القديم ، وبهذا تعرف بعضا من مبلغ عصبية المتعرب وجهله في كلامه «ذ ص ٧٦» وكأنه إذ ألصق نفسه بالعرب حسب انه صار الحكم المحكم في العربية ، ولكنه من أين يتورع عن مثل هذه الاقتحامات ، وفي كتاب إلهامه ، لأن هاجر جبل سيناء في العربية «غل ٤ ،