أن يكون التابع أعلى (١) من المتبوع ، والماموم أتمّ فى الحكمة من الامام (٢)؟! قال : أنا أورد عليك فى هذا ما تعلم أنّ الأمر كما ذكرته ، وتعرف الصّواب من الخطأ فى هذا الباب : اعلم أنّ كلّ متأخّر من الفلاسفة إذا صرف همّته إلى النّظر فى الفلسفة وواظب على ذلك واجتهد فيه وبحث عن الّذي (٣) اختلفوا فيه لدقّته وصعوبته ، علم علم من تقدّمه منهم وحفظه واستدرك بفطنته وكثرة بحثه ونظره (٤) أشياء أخر ؛ لأنه مهر بعلم من تقدّمه وفطن لفوائد (٥) أخر واستفضلها ؛ اذ كان البحث والنّظر والاجتهاد يوجب الزيادة والفضل.
قلت (٦) : فان كان الّذي استدركه المتأخّر خلافا على من تقدّمه كما خالفت أنت من تقدّمك ، فانّ الخلاف ليس بفائدة ؛ بل ، الخلاف شرّ وزيادة فى العمى وتقوية للباطل ونقض (٧) وفساد. ونحن نجدكم لم تزدادوا بكثرة البحث والنظر بآرائكم الّا اختلافا وتناقضا. فاذا شرطت على نفسك أنّ (٨) المتأخّر يدرك ما لم يدركه المتقدّم كما زعمت أنك ادركته وأوردت الخلاف على من تقدمك ، لا تأمن أن يجيء بعدك من يجتهد فوق ما اجتهدت ، فيعلم ما قد علمت ويستفضل ، ويدرك بفطنته واجتهاده ونظره ما لم تدركه أنت ؛ فينقض ما حكمت به ويخالفك فى أصلك ، كما نقضت على من تقدمك وخالفته فى أصله ، حين (٩) ادّعيت قدم الخمسة وزعمت أنّ من تقدّمك قد أخطأ حين خالفك ؛ وكما قد خالف (١٠) بعضكم بعضا. وعلى هذه الشّريطة فانّ الفساد قائم فى العالم والحقّ معدوم أبدا والباطل منتظم ، والذين خالفوك قد مضوا على الباطل والضّلال ؛ لأنّ الخلاف باطل والخطأ ضلال. ويلزمك أيضا على هذه الشريطة أن تمضى على الباطل والضّلال ، اذ (١١) كان الّذي يجيء بعدك يأتى بفائدة ويصيب
__________________
(١) ـ اعلى : اعلم AC ـ (٢) من الامام : عن الامام A (٣) ـ عن الّذي : على الّذي ABC (٤) ـ نظره : نظرB (٥) ، لفوائد : بفوائدC (٦) ـ قلت : +B (٧) ـ نقض : غير واضحةC (٨) ـ ان : من ان A (٩) ـ حين : حيث B (١٠) ـ وكما قد خالف : +A ، قد : ـ B (١١) ـ اذ : اذاBC ـ