المبتدعين فى تلك الملة ، إذ كان الله عزوجل (١) أرسله بتجديدها ، فقال : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا). ونقى الملّة من البدع ، وجدّد ما كان من رسوم إبراهيم (ع) مثل حجّ البيت والختان (٢) وسائر ذلك ممّا كانت عليه العرب من بقايا سنن إبراهيم ، واقرّ اليهود والنّصارى على مللهم (٣) ، لتبقى رسوم الأنبياء ، وتكون عبرة للحكماء والعلماء فى هذه الملّة ، وحجّة لله (٤) على النّاس أجمعين وألزمهم الجزية والذّلة لمّا امتنعوا من قبول ما جاء به ، ومن إجابتهم فى إقامة طاعته فيما دعاهم إليه من أن يخلّص لهم الحقّ الّذي معهم من الباطل الّذي خلطوه به. ولو لا أنّه (ص) أراد أن يعرّف النّاس أنّ الّذي معهم من الكتب المنزلة هو حق لما أقرّهم على ذلك ؛ فانّ شوكتهم كانت أهون من شوكة العرب ، ولو شاء لأبادهم وقطع رسومهم كما فعل بالعرب ؛ فكان لا يبقى فى دار الاسلام شيء من رسوم أهل الذّمّة ، إذ كان الاسلام قد غلب جميع الأمم.
(٧) ولما فتحت بلاد العجم ، أراد عمر بن الخطاب أن يقتل المجوس وأن لا يقبل منهم الجزية. فقال عليّ (ع) انّه كان لهم نبىّ وكتاب ، فيجب أن تستنّ (٥) فيهم بسنّة (٦) أهل الكتاب ؛ فأقرّهم حينئذ على ملّتهم. ولو لا أنّ معهم رسم من رسوم الأنبياء (ع) وإن (٧) كانوا قد خلطوه بالبدع ، لما كان يوجد (٨) فى مملكة الاسلام مجوسى.
(٨) فالملل (٩) كلّها سبيلها على ما ذكرنا ، هى حقّ ، وهى رسوم الأنبياء ، لكن قد (١٠) خلط بها الباطل ؛ ومثالها ما (١١) قد ذكرناه فى باب المسك والذّهب
__________________
(١) ـ عزوجل : ـ A (٢) ـ الختان : الجهادAC ـ (٣) ـ مللهم : ملكهم A (٤) ـ لله : الله B (٥) ـ تستن : يستن AB (٦) بسنة : سنةC (٧) ـ وان : ولوC (٨) يوجد : يؤخذC (٩) ـ فالملل : فالممالك C (١٠) ـ قد : ـ AB (١١) ما : ـ AB