يأخذون على أيدى سفهائهم ، يعلّمون جاهلهم ويحامون (١) على ضعفائهم ويقمعون أهل العبث (٢) والفساد ويقيمون فيهم الحدود من القصاص والقود وغير ذلك ، كما سنّه محمّد (ص) ، لتهارج النّاس ، وفسد أمر (٣) العالم ولما كان يسالم (٤) بعضهم بعضا كما يجرى عليه أمر أصناف الحيوان من المسالمة ؛ فانّها لا يعدو بعضها على بعض فى أجناسها ؛ إلا ما يعدو بعض الأجناس على بعض ويصيدها (٥) للغذاء (٦) وطلب الرّزق. ولكنّ النّاس قد طبعوا على الحرص والتّنافس على أعراض الدّنيا والجمع والادّخار وما ركّب فيهم من حبّ الشّهوات من النّساء (٧) والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث وسائر ذلك من متاع الدّنيا ؛ وليس سبيل أصناف الحيوان هكذا. كما نرى أنّ إنسانا لو جمع ما يعلم أنّه يكفيه ألف سنة وزيادة ، لما انتهى عن الجمع والزّيادة فيه والحرص عليه ؛ وكل أصناف الحيوان تطلب (٨) غداءها (٩) مقدار ما يشبعها (١٠) ، وليس سبيلها سبيل البشر. (٤) فلذلك اختار الله عزوجل (١١) للنّاس أئمّة يسوسونهم ويقوّمونهم ، ليستقيم (١٢) أمر العالم ، ويكون فيه صلاح النّاس دينا ودنيا فيحيى الأنام ولا يهلكوا (١٣) ، كما قال الله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ...) (١٤) بما شرعه الأنبياء للنّاس وسنّوه وحملوهم عليه وأقاموا فيهم الحدود والأحكام.
والنّاس وإن كانوا يتنافسون فى أمور الدّنيا فانّ كلّ متغلّب لا يقدر
__________________
(١) ـ يحامون : يحابون A (٢) ـ العبث : العيث A (٣) ـ امر : الامرB (٤) ـ يسالم : سالم C (٥) ـ يصيدها : يطلبهاC (٦) للغذاء : الغداءA (٧) ـ من النساء : ـ B (٨) ـ تطلب : يطلب AB (٩) غذاءها : غذائه A ، غذاه B (١٠) يشبعها : يشبعه ABC (١١) ـ عزوجل : ـ A (١٢) ـ ليستقيم : لتستقيم A (١٣) ـ لا يهلكوا : لا يهلكواB ، لا يهلكون C (١٤) ـ ببعض : + لفسدت الارض BC ـ