أبدا. ثم عرّفهم أنّ ذلك ليس (١) فى وسع الخلائق ، فقال : (لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). وقد (٢) قدّمنا القول إن الملحد لم يخطى سنّة من تقدّمه حين زعم أنّه يأتى (٣) بألف مثله ، فانّه (٤) لم يحصل من هذه الدّعوى (٥) على أكثر (٦) من أن صارفى جملة من ذكره الله حيث يقول : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٧)).
على أنّا نقول فى جوابه حين زعم أنّ الشّعر والخطب والسّجع وغير ذلك هو مثل القرآن ، أنّه قد أحال فى هذه الدّعوى لأنّ الّذي يجمعه القرآن ، لا يجمعه شيء مما ذكره فى ظاهر اللّفظ دون القوة العظيمة التى هى فيه. فانّ كلّ صنف مما ذكره هو (٨) نوع واحد. فالشّعر هو كلام فصيح موزون بالأعاريض ، وهذه فضيلة لا غير ؛ والخطب البليغة (٩) هى (١٠) فصاحة وإيجاز لفظ لا غير ؛ والسّجع هو كلام فصيح مسجّع لا غير ، الّا ما كان من سجع الكهّان ، فانّه يجمع ذلك (١١) إلى تلك الأسباب التى كانوا يخبرون بها لا غير ؛ والقرآن يجمع هذه المعانى كلّها التى (١٢) هى فى الشعر والخطب البليغة والسجع فى ظاهر الأمر ، دون سائر الأسباب التى يجمعها. ونحن نذكرها ونشرح الحال بها إن شاء الله ، فنقول :
انّ العرب اشتبه عليهم الأمر فيه ، لأنّه جمع هذه المعانى كلّها. فقالوا
__________________
(١) ـ ليس : ـ B (٢) ـ قد : لقدB (٣) ـ يأتوا : يأتى C (٤) فانه : فان B (٥) الدعوى : الدعوةA (٦) اكثر : ـ B (٧) ـ اذ : اذاA (٨) ـ هو : وهوB (٩) ـ البليغة : والبلاغات BC ، البلاغةA (١٠) هى : ـ C (١١) ـ ذلك : ـ C (١٢) يخبرون ... التى : ـ B