حجّة ؛ لأنّه لم يتقدّم إلف ولا عادة لأصحاب رسول الله (ص) الذين آمنوا به بمكّة (١) عند ظهوره قبل أن قوى الاسلام ، ولم يعتادوا ذلك ، ولا مرّت به الأيّام بالالف. وإنّما سمعوا كلامه ، فقبلوه وآمنوا به ، كما ذكرنا من شأن (٢) الطفيل بن عمرو (٣) ، وأثّر القرآن فى قلوبهم وجمع بينها وألّفها على طاعته ، وصبروا معه على الأذى الشديد ؛ فانهم كانوا يفتنون ويعذبون بأنواع البلاء (٤) ليرجعوا عنه ، فصبروا ولم يرجعوا عنه كما روى من (٥) حديث بلال : أنّ ورقة بن نوفل مر على بلال وقد (٦) أخذه أميّة بن خلف (٧) الحجمى وألقاه على ظهره فى الرّمضاء ووضع الحجر على بطنه وهو يقول : هذا دأبى ودأبك أو (٨) أن تكفر بمحمد. وبلال يقول : أحد أحد. وورقة بن نوفل يقول : نعم يا بلال! أحد أحد. فصبر على ذلك ولم يرجع عن الاسلام.
ومثل (٩) حديث بلال ، فيما كانوا يلقون من قريش عدد كثير تطول الخطب بذكرهم فعلى هذا كانوا يؤذون ويصبرون ويزدادون ايمانا ويقينا ، حتى صار الأمر بهم إلى الجلاء (١٠) ، فخرج كثير منهم مهاجرا إلى أرض الحبشة ، ثم اشتدّ الأمر بهم فهاجروا الى المدينة (١١) وهجروا الآباء والأمّهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والعشائر والقرابات وقطعوا الأزواج والأحبّة ولحقوا برسول الله (ص) فى دار الهجرة المدينة ؛ وخرجوا إليه إرسالا كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا ، ينقطع الرجال عن حلائلهم والنّساء عن أزواجهن طيّبة بذلك أنفسهم (١٢) ، مستميتين (١٣)
__________________
(١) ـ بمكة : ـ C (٢) ـ شان : شاب A (٣) عمرو : عمرB (٤) ـ البلاء : البلاياB (٥) من : عن B (٦) ـ ان ... وقد : ـ C (٧) خلف : خلق A (٨) ـ أو : ـ BC (٩) ـ ومثل : مثل B ، وممن له C (١٠) ـ الجلاء : المجلاءA ، الجلى B (١١) ـ المدينة : + وهجروا الى المدينةB (١٢) ـ انفسهم : ـ A (١٣) مستميتين : مستميتون AC ، متتميون B