وتعجّب النّاس.
(٣) قلت له : فهل كنت عرفت هذه الحشيشة قبل ذلك؟ قال : لا والله ، ما كنت رأيتها ولا عرفتها. قلت : فهل (١) توجد فى بلدنا وهل تعرفها الآن؟ قال : لا والله ، ما أعرفها ولا أدرى توجد هاهنا أم لا. قلت له : ألست تعرف شأن هؤلاء (٢) الزّراقين الذين يقعدون على السّبيل ويخدعون عوامّ النّاس بالزّرق؟ قال (٣) : هل أحد أعرف بهم منى؟ قلت : فانّ حديثك هذا هو (٤) من نوع الزّرق ، وليس هو من نوع المعرفة بطباع (٥) العقاقير طبعا وفطنة وتجربة. قال : وأى فطنة ألطف من هذه؟ قلت : كيف تعدّ (٦) هذا من الفطنة؟ وكيف (٧) تشبّه هذا بفطنة الحكماء الذين تزعم أنّهم أدركوا معرفة طبائع الأشياء بفطنتهم واستخرجوا ذلك بالذّوق والشمّ (٨) ، وكانوا بزعمك لا يعرفون ذلك إلّا (٩) بتدبير وتأمّل وقياس وتجربة وشمّ وذوق ؛ ثم كانوا يدونون (١٠) فى كتبهم ما يلحقون معرفته حتى يصير أصلا يعتمد عليه ، وتزعم أنّ هذه الأصول كان سبيلها هكذا وأنت تزعم أنك تكلّمت فى هذه الحشيشة على البديهة من غير فكرة ولا رويّة ولا تجربة ، وأنك لم تعرف هذه الحشيشة قبل ذلك ولا ذقتها (١١) ولا شممتها ولا تعرفها الآن ولا تدرى هل توجد فى هذه البلدان أم لا؟ او (١٢) ليس قولك هذا (١٤) هو الزّرق ودعواك هى بالزّرق أشبه منها بفطنة الحكماء وتجاربهم؟ أو ليس هذا هو الزّرق بعينه؟ أو لست تزعم أنك أعرف الناس بالزّراقين؟ فهل هذا إلّا الزرق بعينه؟ أو ليس (١٣) الزّرق هو خديعة وسخرية؟ فان كان أولئك الحكماء سبيلهم فى معرفة طبائع العقاقير هكذا ، فكانوا زرّاقين (١٥) يخدعون
__________________
(١) ـ فهل ... فهل : ـ C (٢) ـ هؤلاء : ـ C (٣) ـ قال : قدل ٤ (٤) هو : هوى A (٥) ـ بطباع : بطبائع C (٦) ـ تعد : بعدA ، تعدن C (٧) وكيف : ـ AC ـ (٨) ـ بالذوق والشم : بالشم والذوق B (٩) الا : الاشياء بفطنتهم A (١٠) يدونون : يدونواB (١١) ـ ولاذقتها : ـ A (١٢) ـ او : وA (١٣) أولست ... او ليس : ـ B (١٤) ـ هذا : ـ A (١٥) ـ زارقين : زارقين B