نجد دهماء النّاس فى هذه الأقاليم التى نشاهدها (١) ، وكافّة الأمم فى سائر الأقاليم والجزائر من أهل الألسنة المختلفة ، لا يدرون ما الفلسفة ، ولا يعرفون (٢) كيفيّتها وحقيقتها ، فضلا عن النظر فيها ؛ إلا قليلا (٣) من النّاس من أهل اللّغة العربيّة أو اليونانيّة (٤) ، ولو عدوّا لسهل (٥) تعدادهم ؛ وسائر الخلائق (٦) ، سبيلهم ما (٧) قد ذكرنا ، ونعتدّ فى ذلك بما نشاهده. فأين الفلسفة بلسان الفرس ، وبلغاتها المختلفة فى بلدانها (٨) ؛ وهكذا سبيل سائر (٩) الأمم. فأمّا النّساء والصّغار من النّاس الذين لم يبلغوا الاستعباد ، والضّعفاء من البالغين فى جميع الأمصار والمدن فيما قرب وبعد ، فأنت يائس منقطع الرّجاء أن يرتاضوا بالفلسفة ، أو تبلغها عقولهم ؛ لانّا لا نجد فيلسوفات ولا ولدانا ولا ضعفاء من النّاس متفلسفين (١٠) ؛ والموت يجرى عليهم.
(٢) وحكم الامم التى فى أطراف الأرض من أصناف العجم مثل الدّيلم والتّرك والزّنج والحبشة وسائر الاقاليم ، حكم من نشاهده. فان كان الحكيم الرحيم حرمهم ذلك ، ومنعهم تلك القوّة وبخل عليهم بتلك الآلة ، حتى عجزوا عن النّظر فى الفلسفة ، ثم إذا ماتوا ، يعينهم على التّجبل فى هذا العالم والعود إليه على مذهب الملحد ، انّهم يكرّون (١١) فيه أبدا حتى ينظروا فى الفلسفة ، فتصفو أنفسهم ، فإنّ هذا ظلم غير جائز فى حكمة الحكيم ورحمة
__________________
(١) ـ نشاهدوها : يشاهدوهاC (٢) ـ يعرفون : يعرفواC (٣) ـ قليلا : قليل BC ـ (٤) ـ اليونانية : اليانونيةC (٥) لسهل : فسهل A (٦) الخلائق : الخلق A (٧) ما : ـ A (٨) ـ بلدانها : بلدA (٩) ـ سائر : ـ B (١٠) ـ متفلسفين : متقلفسين C (١١) ـ يكرون : يكررون B ، يكرهون C