مرغوب فيه ، مندوب إليه ، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه ، «وإن خير هذه الأمة من كان أكثرها نساء» ، وقوله صلىاللهعليهوسلم «الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ، إن نظر إليها سرته ، وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله» وقوله في الحديث الآخر «حبب إليّ النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة» (١). وقالت عائشة رضي الله عنها : لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من النساء إلا الخيل ، وفي رواية من الخيل إلا النساء ، وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة ، فهو داخل في هذا ، وتارة يكون لتكثير النسل وتكثير أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له ، فهذا محمود ممدوح كما ثبت في الحديث «تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (٢) وحب المال كذلك تارة يكون للفخر والخيلاء ، والتكبر على الضعفاء والتجبر على الفقراء ، فهذا مذموم ، وتارة يكون للنفقة في القربات وصلة الأرحام والقرابات ووجوه البر والطاعات ، فهذا ممدوح محمود شرعا.
وقد اختلف المفسرون في مقدار القنطار على أقوال ، وحاصلها أنه المال الجزيل كما قاله الضحاك وغيره ، وقيل : ألف دينار ، وقيل : ألف ومائتا دينار وقيل اثنا عشر ألفا ، وقيل : أربعون ألفا ، وقيل : ستون ألفا ، وقيل سبعون ألفا ، وقيل : ثمانون ألفا ، وقيل غير ذلك ، وقد قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «القنطار اثنا عشر ألف أوقية ، كل أوقية خير مما بين السماء والأرض» ، وقد رواه ابن ماجة (٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة به ، وقد رواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة موقوفا وهذا أصح ، وهكذا رواه ابن جرير عن معاذ بن جبل وابن عمر ، وحكاه ابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة وأبي الدرداء ، أنهم قالوا : القنطار ألف ومائتا أوقية ، ثم قال ابن جرير (٥) رحمهالله : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير ، حدثنا شبابة ، حدثنا مخلد بن عبد الواحد ، عن علي بن زيد ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «القنطار ألف أوقية ومائتا أوقية». وهذا حديث منكر أيضا ، والأقرب أن يكون موقوفا على أبي بن كعب كغيره من الصحابة وقد روى ابن مردويه من طريق موسى بن عبيدة الربذي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن موسى ، عن أم
__________________
(١) مسند أحمد ج ٣ ص ١٢٨.
(٢) سنن أبي داود (نكاح باب ٣) وسنن النسائي (نكاح باب ١١) ومسند أحمد (ج ٣ ص ١٥٨ و ٢٤٥)
(٣) المسند ج ٢ ص ٣٦٣.
(٤) سنن ابن ماجة (كتاب الأدب حديث رقم ٣٦٦٠)
(٥) تفسير الطبري ٣ / ١٩٩.