النجاشي كنا نحدث (١) أنه لا يزال يرى على قبره نور.
وقد روى الحافظ أبو عبد الله الحاكم في مستدركه : أنبأنا أبو العباس السياري بمرو ، حدثنا عبد الله بن علي الغزال ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا مصعب بن ثابت عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ، قال : نزل بالنجاشي عدو من أرضهم ، فجاءه المهاجرون فقالوا : إنا نحب أن نخرج إليهم حتى نقاتل معك وترى جرأتنا ونجزيك بما صنعت بنا ، فقال : لا ، دواء بنصرة الله عزوجل خير من دواء بنصرة الناس ، قال : وفيه نزلت (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) الآية. ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعني مسلمة أهل الكتاب. وقال عباد بن منصور : سألت الحسن البصري عن قول الله (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) الآية ، قال : هم أهل الكتاب الذين كانوا قبل محمد صلىاللهعليهوسلم فاتبعوه ، وعرفوا الإسلام فأعطاهم الله تعالى أجر اثنين : للذي كانوا عليه من الإيمان قبل محمد صلىاللهعليهوسلم وبالذي اتبعوا محمداصلىاللهعليهوسلم ، رواهما ابن أبي حاتم.
وقد ثبت في الصحيحين عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين» فذكر منهم : ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي.
وقوله تعالى : (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي لا يكتمون ما بأيديهم من العلم كما فعله الطائفة المرذولة منهم ، بل يبذلون ذلك مجانا ، ولهذا قال تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) ، قال مجاهد : (سَرِيعُ الْحِسابِ) يعني سريع الإحصاء ، رواه ابن أبي حاتم وغيره.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قال الحسن البصريرحمهالله : أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام ، فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء ، حتى يموتوا مسلمين ، وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم ، وكذا قال غير واحد من علماء السلف ، وأما المرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات ، وقيل : انتظار الصلاة بعد الصلاة ، قاله ابن عباس وسهل بن حنيف ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم ، وروى ابن أبي حاتم هاهنا الحديث الذي رواه مسلم والنسائي من حديث مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال «ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟
__________________
(١) في أبي داود : «نتحدث».