الحوب الإثم ، ثم قال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا هوذة بن خليفة ، حدثنا عوف عن أنس أن أبا أيوب أراد طلاق أم أيوب ، فاستأذن النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «إن طلاق أم أيوب لحوب» فأمسكها ، ثم روى ابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث علي بن عاصم عن حميد الطويل ، سمعت أنس بن مالك أيضا يقول : أراد أبو طلحة أن يطلق أم سليم امرأته فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن طلاق أم سليم لحوب» فكف. والمعنى : إن أكلكم أموالهم مع أموالكم إثم عظيم وخطأ كبير فاجتنبوه.
وقوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى) ، أي إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف أن لا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء ، فإنهن كثير ولم يضيق الله عليه. وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن ابن جريج ، أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق ، وكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شيء فنزلت فيه (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) أحسبه قال : كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله. ثم قال البخاري (١) : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله. حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) ، قالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا إليهن. ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة : قالت عائشة : وإن الناس استفتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد هذه الآية فأنزل الله (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ) [النساء : ١٢٧] ، قالت عائشة : وقول الله في الآية الأخرى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء : ١٢٧] رغبة أحدكم عن يتيمته إذا كانت قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن إذا كن قليلات المال والجمال.
وقوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) أي انكحوا ما شئتم من النساء سواهن إن شاء أحدكم ثنتين وإن شاء ثلاثا ، وإن شاء أربعا. كما قال الله تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) [فاطر : ١] أي منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة ، ومنهم من له أربعة ، ولا ينفي ما عدا ذلك في الملائكة لدلالة الدليل عليه ، بخلاف قصر الرجال على أربع ، فمن هذه الآية كما قال ابن عباس وجمهور العلماء ، لأن المقام مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره.
__________________
(١) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ١)