لا يجب قسم بينهن ، ولكن يستحب فمن فعل فحسن ، ومن لا فلا حرج ، وقوله : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) قال بعضهم ذلك أدنى ألا تكثر عيالكم ، قاله زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة والشافعي رحمهمالله ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) [التوبة : ٢٨] أي فقرا (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) [التوبة : ٢٨] وقال الشاعر : [الوافر]
فما يدري الفقير متى غناه |
|
وما يدري الغنيّ متى يعيل |
وتقول العرب : عال الرجل يعيل عيلة إذا افتقر ولكن في هذا التفسير هاهنا نظر ، فإنه كما يخشى كثرة العائلة من تعداد الحرائر كذلك يخشى من تعداد السراري أيضا والصحيح قول الجمهور (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي لا تجوروا ، يقال : عال في الحكم إذا قسط وظلم وجار ، وقال أبو طالب في قصيدته المشهورة : [الطويل]
بميزان قسط لا يخيس شعيرة |
|
له شاهد من نفسه غير عائل (١) |
وقال هشيم عن أبي إسحاق قال : كتب عثمان بن عفان إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : إني لست بميزان لا أعول. رواه ابن جرير (٢).
وقد روى ابن أبي حاتم وأبو حاتم ابن مردويه وابن حبان في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، حدثنا محمد بن شعيب عن عمر بن محمد بن زيد عن عبد الله بن عمر عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) قال : «لا تجوروا» قال ابن أبي حاتم : قال أبي ، هذا حديث خطأ ، والصحيح : عن عائشة موقوف ، وقال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن عباس وعائشة ومجاهد وعكرمة والحسن وأبي مالك وأبي رزين والنخعي والشعبي والضحاك وعطاء الخراساني وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان أنهم قالوا : لا تميلوا ، وقد استشهد عكرمة رحمهالله ببيت أبي طالب الذي قدمناه ، ولكن ما أنشده كما هو المروي في السيرة ، وقد رواه ابن جرير ثم أنشده جيدا واختار ذلك.
وقوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: النحلة المهر ، وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة : نحلة فريضة ، وقال مقاتل وقتادة وابن جريج : نحلة أي فريضة. زاد ابن جريج : مسماة ، وقال ابن زيد : النحلة في كلام العرب : الواجب ، يقول : لا تنكحها إلا بشيء واجب لها ، وليس ينبغي لأحد بعد النبيصلىاللهعليهوسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب ، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق ، ومضمون كلامهم : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما ، وأن يكون طيب النفس
__________________
(١) البيت في القرطبي ٥ / ٢١ والطبري ٣ / ٥٨٢. وقد أورد الطبري ثلاث روايات مختلفات لهذا البيت فلينظر.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ٥٨٢.