لا ينصف فيجب أن ترجم الأمة المحصنة إذا زنت ، وأما قبل الإحصان فيجب جلدها خمسين ، فأخطأ في فهم الآية ، وخالف الجمهور في الحكم ، بل قد قال أبو عبد الله الشافعي رحمهالله : ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوك في الزنا ، وذلك لأن الآية دلت على أن عليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ، والألف واللام في المحصنات للعهد ، وهن المحصنات المذكورات في أول الآية : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) والمراد بهن الحرائر فقط من غير تعرض لتزويج غيره ، وقوله : (نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) يدل على أن المراد من العذاب الذي يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرجم ، والله أعلم. وقد روى أحمد (١) نصا في رد مذهب أبي ثور من رواية الحسن بن سعد عن أبيه : إن صيفة كانت قد زنت برجل من الحمس (٢) ، فولدت غلاما ، فادعاه الزاني ، فاختصما إلى عثمان ، فرفعهما إلى علي بن أبي طالب ، فقال علي : أقضي فيهما بقضاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، وجلدهما خمسين خمسين ، وقيل : بل المراد من المفهوم التنبيه بالأعلى على الأدنى أي إن الإماء على النصف من الحرائر في الحد وإن كن محصنات وليس عليهن رجم أصلا لا قبل النكاح ولا بعده ، وإنما عليهن الجلد في الحالتين بالسنة ، قال ذلك صاحب الإفصاح ، وذكر هذا عن الشافعي فيما رواه ابن عبد الحكم عنه ، وقد ذكره البيهقي في كتاب السنن والآثار ، وهو بعيد من لفظ الآية ، لأنا إنما استفدنا تنصيف الحد من الآية لا من سواها فكيف يفهم منها التنصيف فيما عداها وقال : بل أريد بأنها في حال الإحصان لا يقيم الحد عليها إلا الإمام ولا يجوز لسيدها إقامة الحد عليها والحالة هذه وهو قول في مذهب أحمد رحمهالله ، فأما قبل الإحصان فله ذلك ، والحد في كلا الموضعين نصف حد الحرة ، وهذا أيضا بعيد لأنه ليس في لفظ الآية ما يدل عليه ، ولو لا هذه لم ندر ما حكم الإماء في التنصيف ، ولوجب دخولهن في عموم الآية في تكميل الحد مائة ، أو رجمهن كما ثبت في الدليل عليه ، وقد تقدم عن علي أنه قال : أيها الناس أقيموا الحد على أرقائكم من أحصن منهم ومن لم يحصن ، وعموم الأحاديث المتقدمة ليس فيها تفصيل بين المزوجة وغيرها لحديث أبي هريرة الذي احتج به الجمهور : «إذا زنت أمة أحدكم ، فتبين زناها ، فليجلدها الحد ، ولا يثرب عليها».
ملخص الآية : أنها إذا زنت أقوال : أحدها تجلد خمسين قبل الإحصان وبعده. وهل تنفى؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها إنها تنفى عنه. والثاني لا تنفى عنه مطلقا والثالث أنها تنفى نصف سنة وهو نصف نفي الحرة ، وهذا الخلاف في مذهب الشافعي ، وأما أبو حنيفة فعنده أن
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ١٠٤.
(٢) كذا في الأصول. وفي مسند «أن يحنّس وصفية كانا من سبي الخمس فزنت صفية برجل من الخمس» إلخ وهو الصواب.