علي بن أبي طلحة أيضا عن ابن عباس : يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها ، وذلك عليها شديد. وقال مجاهد والشعبي وإبراهيم ومحمد بن كعب ومقسم وقتادة : الهجر هو أن لا يضاجعها. وقد قال أبو داود (١) : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، عن أبي حرة الرقاشي ، عن عمه أن النبيصلىاللهعليهوسلم قال «فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع» قال حماد : يعني النكاح. وفي السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال «أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت».
وقوله : (وَاضْرِبُوهُنَ) ، أي إذا لم يرتد عن بالموعظة ولا بالهجران ، فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال في حجة الوداع «واتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» وكذا قال ابن عباس وغير واحد : ضربا غير مبرح ، قال الحسن البصري : يعني غير مؤثر وقال الفقهاء : هو أن لا يكسر فيها عضوا ولا يؤثر فيها شيئا ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يهجرها في المضجع ، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح ، ولا تكسر لها عظما ، فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية. وقال سفيان بن عيينة عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ذئرت النساء على أزواجهن ، فرخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلىاللهعليهوسلم نساء كثير يشكون أزواجهن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (٢). وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا سليمان بن داود يعني أبا داود الطيالسي ، حدثنا أبو عوانة عن داود الأودي ، عن عبد الرحمن المسلي ، عن الأشعث بن قيس ، قال : ضفت عمر رضي الله عنه ، فتناول امرأته فضربها ، فقال : يا أشعث ، احفظ عني ثلاثا حفظتها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته ، ولا تنم إلا على وتر» ، ونسيت الثالثة ، وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة ، عن داود الأودي به.
وقوله تعالى : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع
__________________
(١) سنن أبي داود (نكاح باب ٤٢)
(٢) سنن ابن ماجة (نكاح باب ٣٤ و ٥١) وسنن أبي داود (نكاح باب ٤٢) وذئرت النساء : نشزت.
(٣) مسند أحمد ١ / ٢٠.