هواه تبعا لم جئت به».
وقال البخاري (١) : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن عروة ، قال : خاصم الزبير رجلا في شراج الحرة ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» فقال الأنصاري : يا رسول الله إن كان ابن عمتك ، فتلون وجه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ثم قال : «اسق يا زبير ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ، ثم أرسل الماء إلى جارك». واستوعى النبي صلىاللهعليهوسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري ، وكان أشار عليهماصلىاللهعليهوسلم بأمر لهما فيه سعة ، قال الزبير : فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآية. هكذا رواه البخاري هاهنا ، أعني في كتاب التفسير من صحيحه من حديث معمر ، وفي كتاب الشرب من حديث ابن جريج ومعمر أيضا ، وفي كتاب الصلح من حديث شعيب بن أبي حمزة ، ثلاثتهم عن الزهري ، عن عروة ، فذكره ، وصورته صورة الإرسال ، وهو متصل في المعنى.
وقد رواه الإمام أحمد (٢) من هذا الوجه فصرح بالإرسال ، فقال : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب عن الزهري ، أخبرني عروة بن الزبير أن الزبير كان يحدث أنه كان يخاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في شراج الحرة ، كانا يسقيان بها كلاهما ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم للزبير «اسق ثم أرسل إلى جارك» فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك؟
فتلون وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال : «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر» فاستوعى (٣) النبي صلىاللهعليهوسلم للزبير حقه ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللأنصاري ، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلىاللهعليهوسلم استوعى النبي صلىاللهعليهوسلم للزبير حقه في صريح الحكم ، قال عروة : فقال الزبير : والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، هكذا رواه الإمام أحمد ، وهو منقطع بين عروة وبين أبيه الزبير ، فإنه لم يسمع منه.
والذي يقطع به أنه سمعه من أخيه عبد الله ، فإن أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، رواه كذلك في تفسيره ، فقال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني الليث ويونس عن ابن شهاب ، أن عروة بن الزبير حدثه أن عبد الله بن الزبير حدثه عن الزبير بن العوام ، أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، في شراج (٤) الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل ، فقال الأنصاري : سرح الماء يمر ، فأبى عليه
__________________
(١) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ١١)
(٢) مسند أحمد ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٣) استوعى الشيء : أخذه كله. والجدد : الحائط.
(٤) شراج : جمع شريج ، وهو مسيل الماء. والحرة : موضع بالمدينة.