أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يرعى غنما له فسلم عليهم ، فقالوا : لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا ، فعمدوا إليه فقتلوه ، وأتوا بغنمه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلى آخرها.
ورواه الترمذي في التفسير عن عبد بن حميد ، عن عبد العزيز بن أبي رزمة ، عن إسرائيل به ، ثم قال : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن أسامة بن زيد ، ورواه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به ، ثم قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ورواه ابن جرير من حديث عبيد الله بن موسى وعبد الرحيم بن سليمان ، كلاهما عن إسرائيل به ، وقال في بعض كتبه غير التفسير ، وقد رواه من طريق عبد الرحمن فقط ، وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما لعلل منها : أنه لا يعرف له مخرج عن سماك إلا من هذا الوجه ، ومنها أن عكرمة في روايته عندهم نظر ، ومنها أن الذي نزلت فيه هذه الآية عندهم مختلف فيه فقال بعضهم : نزلت في محلم بن جثامة ، وقال بعضهم : أسامة بن زيد ، وقيل غير ذلك.
قلت : وهذا كلام غريب وهو مردود من وجوه : أحدها أنه ثابت عن سماك حدث به عنه غير واحد من الأئمة الكبار ، الثاني أن عكرمة محتج به في الصحيح ، الثالث أنه مروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس ، كما قال البخاري (١) : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) قال : قال ابن عباس كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون ، فقال : السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فأنزل الله في ذلك (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) قال ابن عباس : عرض الدنيا تلك الغنيمة ، وقرأ ابن عباس (السَّلامَ) ، وقال سعيد بن منصور : حدثنا منصور عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس ، قال : لحق المسلمون رجلا في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فنزلت (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً). وقد رواه ابن جرير (٢) وابن أبي حاتم من طريق سفيان بن عيينة به ، وقد (٣) في ترجمة : أن أخاه فزارا ، هاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن أمر أبيه بإسلامهم وإسلام قومهم ، فلقيته سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، في عماية الليل ، وكان قد قال لهم إنه مسلم ، فلم يقبلوا منه فقتلوه فقال أبوه : فقدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأعطاني ألف دينار ودية أخرى وسيرني ، فنزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية.
وأما قصة محلم بن جثامة ، فقال الإمام أحمد (٤) رحمهالله : حدثنا يعقوب : حدثني أبي
__________________
(١) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب ٥)
(٢) تفسير الطبري ٤ / ٢٢٦.
(٣) بياض في الأصل بعد هذا اللفظ.
(٤) مسند أحمد ٦ / ١١.