يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً). قال الحسن : الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح ، إما خشبة يابسة وإما حجر يابس. ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وهو غريب.
وقوله : (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) أي هو الذي أمرهم بذلك وحسنه وزينه لهم ، وهم إنما يعبدون إبليس في نفس الأمر ، كما قال تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) [يس : ٦٠]. وقال تعالى إخبارا عن الملائكة أنهم يقولون يوم القيامة عن المشركين الذين ادعوا عبادتهم في الدنيا (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) [سبأ : ٤١].
وقوله : (لَعَنَهُ اللهُ) أي طرده وأبعده من رحمته ، وأخرجه من جواره ، وقال : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) أي معينا مقدرا معلوما. قال مقاتل بن حيان : من كل ألف ، تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة ، (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) أي عن الحق ، (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) أي أزين لهم ترك التوبة ، وأعدهم الأماني ، وآمرهم بالتسويف والتأخير ، وأغرهم من أنفسهم ، وقوله : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ). قال قتادة والسدي وغيرهما : يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة ، (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) ، قال ابن عباس : يعني بذلك خصي الدواب ، وقد روي عن ابن عمر وأنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي عياض وقتادة وأبي صالح والثوري ، وقد ورد في حديث النهي عن ذلك (١).
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : يعني بذلك الوشم ، وفي صحيح مسلم ، النهي عن الوشم في الوجه ، وفي لفظ : لعن الله من فعل ذلك ، وفي الصحيح (٢) عن ابن مسعود أنه قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عزوجل ، ثم قال : ألا ألعن (٣) من لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في كتاب الله عزوجل ، يعني قوله : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧].
وقال ابن عباس في رواية عنه ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والحكم والسدي والضحاك وعطاء الخراساني في قوله : (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) يعني دين الله عز
__________________
(١) انظر مسند أحمد ٣ / ٣٧٨ ، ٣٨٢ ، ٣٨٣.
(٢) صحيح مسلم (لباس حديث ١٢٠)
(٣) في صحيح مسلم : «وما لي لا ألعن من لعن رسول الله». وذلك أن امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن أتت ابن مسعود فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات ... إلخ. فأجابها بذلك. والواشمة : فاعلة الوشم. والمفعول بها ذلك هي الموشومة. فإن طلبت فعل ذلك فهي مستوشمة. والنامصة هي التي تزيل الشعر من الوجه. والمتنمصة هي التي تطلب فعل ذلك بها. والمتفلجات للحسن : مفلجات الأسنان ، بأن تبرد الواحدة ما بين أسنانها ، الثنايا والرباعيات. وتفعل ذلك العجوز إظهارا للصغر ، لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار.