الملائكة إنما كان يوم بدر ، والله أعلم.
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : أمد الله المسلمين يوم بدر بخمسة آلاف.
القول الثاني ـ إن هذا الوعد متعلق بقوله : (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) [آل عمران : ١٢١] وذلك يوم أحد وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم. لكن قالوا : لم يحصل الإمداد بالخمسة الآلاف لأن المسلمين فروا يومئذ ، زاد عكرمة : ولا بالثلاثة الآلاف لقوله تعالى : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) فلم يصبروا بل فروا فلم يمدوا بملك واحد.
وقوله : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا) يعني : تصبروا على عدوكم ، وتتقوني وتطيعوا أمري.
وقوله تعالى : (وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا) قال الحسن وقتادة والربيع والسدي : أي من وجههم هذا ، وقال مجاهد وعكرمة وأبو صالح : أي من غضبهم هذا. وقال الضحاك : من غضبهم ووجههم. وقال العوفي عن ابن عباس : من سفرهم هذا ، ويقال : من غضبهم هذا.
وقوله تعالى : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) أي معلمين بالسيما ، وقال أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مضرب ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض ، وكان سيماهم أيضا في نواصي خيولهم ، رواه ابن أبي حاتم. ثم قال : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الآية (مُسَوِّمِينَ) قال : بالعهن الأحمر ، وقال مجاهد : (مُسَوِّمِينَ) أي محذفة أعرافها ، معلمة نواصيها بالصوف الأبيض في أذناب الخيل. وقال العوفي ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : أتت الملائكة محمدا صلىاللهعليهوسلم ، مسومين بالصوف ، فسوم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف. وقال قتادة وعكرمة (مُسَوِّمِينَ) أي بسيما القتال ، وقال مكحول : مسومين بالعمائم. وروى ابن مردويه من حديث عبد القدوس بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قوله : (مُسَوِّمِينَ) قال «معلمين». وكان سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود ، ويوم حنين عمائم حمر. وروى من حديث حصين بن مخارق عن سعيد ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. وقال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : كان سيما الملائكة يوم بدر ، عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم ، ويوم حنين عمائم حمر. ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر ، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون (١) ، ثم رواه عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس فذكر نحوه.
__________________
(١) انظر سيرة ابن هشام ١ / ٦٤٣.