ويجد نظير تلك الدعوة في الذكر الحكيم ، قال سبحانه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (١).
٧. فاعل الفعل في قوله : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) أي الصافنات الجياد والمقصود : إنّ الخيل أخذت بالركض حتى غابت عن بصره.
٨. انّ الضمير في قوله : (رُدُّوها) يرجع إلى الخيل التي تدل عليها الصافنات الجياد ، والمقصود أنّه أمر بردّها عليه بعد ما غابت عن بصره.
٩. وعند ذلك يطرح السؤال ، وهو : أنّه لما ذا أمر بالرد ، وما كان الهدف منه؟ فبيّنه بقوله : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) أي شرع بمسح أعراف خيله وعراقيبها بيده تقديراً لركابها ومربيها الذين قاموا بواجبهم بإعداد وسائل الجهاد.
إلى هنا اتضح مفاد مفردات الآية وجملها ، وعلى هذا تكون الآيات هادفة إلى تصوير عرض عسكري قام به أحد الأنبياء ذوي السلطة والقدرة في أيّام ملكه وقدرته.
وحاصله : انّ سليمان النبي (الذي أشار القرآن إلى ملكه وقدرته وسطوته وسيطرته على جنوده من الإنس والجن وتعرّفه على منطق الطير ، إلى غير ذلك من صنوف قدرته وعظمته التي خصصها به بين الأنبياء) قام في عشية يوم بعرض عسكري ، وقد ركب جنوده من الخيل السراع ، فأخذت تركض من بين يديه إلى أنْ غابت عن بصره ، فأمر أصحابه بردّها عليه ، حتّى إذا ما وصلت إليه قام تقديراً لجهودهم بمسح أعناق الخيل وعراقيبها.
__________________
(١). الأنفال : ٦٠.