قبل الخلق العظيم ، حاش لله ، إنّ ذلك لهو الافك المبين ، وإنّما هي الحيرة تلم بقلوب أهل الإخلاص ، فيما يرجون للناس من الخلاص ، وطلب السبيل إلى ما هدوا إليه من إنقاذ الهالكين وإرشاد الضالين. (١)
* الآية الثانية : الأمر بهجر الرجز
يقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (٢).
استدلت المخطّئة بأنّ الرجز بمعنى الصنم والوثن ، ففي الأمر بهجره إيعاز لوجود أرضية صالحة لعبادتهما في شخصية النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أقول : إنّ الرجز في القرآن الكريم استعمل في المعاني الثلاثة التالية :
١. العذاب.
٢. القذارة.
٣. الصنم.
ولك أن تقول : إنّ المفاهيم الثلاثة أشكال لمعنى واحد جوهراً ، وليست بمعان متعددة ، ولكن تعيين أحد الأمرين لا يؤثر فيما نرتئيه ، توضيح ذلك :
إنّ «الرجز» : بكسر الراء قد استعمل في القرآن تسع مرّات ، وقد أُريد منه في جميعها العذاب إلّا في مورد واحد ، وإليك مظانها : البقرة / ٥٩ ، الأعراف / ١٣٤ وجاءت اللفظة فيها مرتين ، والأعراف / ١٤٥ و ١٦٢ ، الأنفال / ١١ ، سبأ / ٥ ، الجاثية / ١١ ، والعنكبوت / ٢٩.
__________________
(١). رسالة التوحيد : ١٣٥ ـ ١٣٦.
(٢). المدثر : ١ ـ ٧.