مبدأ ظهور نظرية العصمة
قد استعملت لفظة «العصمة» في القرآن الكريم بصورها المختلفة ثلاث عشرة مرة ، وليس لها إلّا معنى واحد وهو الإمساك والمنع ، ولو استعملت في موارد مختلفة فإنّما هو بملاحظة هذا المعنى.
قال ابن فارس : «عصم» أصل واحد صحيح يدل على إمساك ومنع وملازمة ، والمعنى في ذلك كله معنى واحد ، من ذلك : «العصمة» أن يعصم الله تعالى عبده من سوء يقع فيه ، «واعتصم العبد بالله تعالى» : اذا امتنع ، و «استعصم» : التجأ ، وتقول العرب : «أعصمت فلاناً» أي هيّأت له شيئاً يعتصم بما نالته يده. أي يلتجئ ويتمسك به. (١)
إنّ الله سبحانه يأمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله بقوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا). (٢)
والمراد التمسك والأخذ به بشدة وقوة وينقل سبحانه عن امرأة العزيز قولها : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ). (٣)
وقد استعملت تلك اللفظة في الآية الأُولى في الإمساك والتحفّظ ، وفي الآية
__________________
(١). المقاييس : ٤ / ٣٣١.
(٢). آل عمران : ١٠٣.
(٣). يوسف : ٣٢.