الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) (١).
وبذلك يظهر سرّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سلمان منّا أهل البيت» فعد غير العرب من أهل بيته ، وما هذا إلّا لأنّ التشابه الروحي أوثق صلة وأحكم عرى ، كما أنّ التباين الروحي خير أداة لقطع العرى وهدم الوشيجة المادية.
ولأجل ذلك قال الإمام الطاهر علي بن موسى الرضا ـ عليهماالسلام ـ في حق ابن نوح : «لقد كان ابنه ولكن لمّا عصى الله عزوجل نفاه عن أبيه ، وكذا من كان منّا لم يطع الله عزوجل فليس منّا ، وأنت إذا أطعت الله فأنت منّا أهل البيت». (٢)
نعم لا نقول إنّ ما ذكرناه هو المصطلح الوحيد في القرآن ، بل له مصطلح آخر يتطابق مع اصطلاح أهل اللغة والعرف ، وهو الاكتفاء بالوشيجة المادية ، ونرى كلا المصطلحين واردين في سورة هود قال سبحانه : (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ) ، فأطلق لفظ الأهل على مطلق المنتمي إلى شيخ الأنبياء ، كافراً كان أم مؤمناً ، ثمّ أخرج الكافر من الحكم (احمل) لا من الموضوع وهو (الأهل) وقال : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ).
وفي الوقت نفسه يجيب نداء نوح عليهالسلام بعد قوله : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) بقوله : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).
الوجه الثاني : لا دلالة لقوله : (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) على صدور سؤال غير لائق بساحة الأنبياء :
قد عرفت ما في الوجه الأوّل من نسبة الكذب إلى شيخ الأنبياء نوح عليهالسلام في قوله : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) ، فهلمّ معي ندرس الوجه الثاني ، وهو أنّ قوله
__________________
(١). هود : ٤٠.
(٢). البحار : ٤٩ / ٢١٩ ضمن ح ٣.